عَمَلُهُ) (١) وقال [قوله] أيضا : (وَمَنْ يَرْتَدِدْ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ فَيَمُتْ وَهُوَ كافِرٌ فَأُولئِكَ حَبِطَتْ أَعْمالُهُمْ) (٢) ، فأخبر أن إحباط الحسنات إنما يكون بالموت على الكفر ووجب من هذا أنّ ما سواه من السيئات تذهبه الحسنات. ومن لم يقل بهذا فلا غفران لسيئاته وكفاه بذلك خزيا.
المسألة الرابعة عشر من هذا الأصل
في إثبات الشفاعة
أثبت أهل السنة الشفاعة للأنبياء عليهمالسلام وللمؤمنين بعضهم في بعض على قدر منازلهم. وقال المفسّرون في تفسير المقام المحمود انه الشفاعة. وفي الحديث : «ادّخرت شفاعتي لأهل الكبائر من أمتي». وروي أنّ النبي صلىاللهعليهوسلم خيّر بين أن يدخل نصف أمته الجنة وبين الشفاعة فاختار الشفاعة وأخبر أن سبعين ألفا يدخلون الجنة بلا حساب كل واحد منهم يشفع في سبعين ألفا ، وسأله عكاشة (٣) بن محصن أن يدعو الله أن يجعله منهم فدعا له : وأنكرت الخوارج والقدرية الشفاعة في أهل الذنوب وهم صادقون في أن لا حظّ لهم منها. وسألونا في هذا الباب عن رجل حلف بطلاق امرأته وعتق مماليكه أو حلف بالله تعالى أن يعمل عملا يستحق به الشفاعة وقالوا لنا : ما الذي يلزم هذا الحالف؟ فإن قلتم نأمره باجتناب المعاصي ، فمن اجتنبها لا يحتاج إلى الشفاعة. وإن قلتم نأمره بالمعاصي خالفتم الإجماع في هذا. وجوابنا عن هذا السؤال أن الحالف إن حلف على أن يعمل عملا يستحق به الشفاعة حانث في يمينه لأن من نال الشفاعة في الآخرة فإنما ينالها بفضل من الله تعالى بلا استحقاق. وإن حلف أن يعمل عملا يصير به من أهل الشفاعة أمرناه بأن يعتقد أصولنا في التوحيد والنبوات وأن يجتنب البدع الضالّة وأن
__________________
(١) سورة المائدة آية ٥.
(٢) سورة البقرة آية ٢١٧.
(٣) هو عكاشة الأسدي أحد السبعين ألفا الذين يدخلون الجنة بغير حساب. توفي في السنة الحادية عشرة للهجرة.