يؤذيها. وزعموا أن أرواح الحيّات والعقارب كانت قد أساءت في بعض القوالب فعذبت في قوالب الحيّات والعقارب. فيقال لهم : هل تثبتون لكون الروح في القالب ابتداء لم يكن قبله في غيره؟ فإن قالوا : لا ، صاروا إلى قول الدهرية القائلة بقدم الأجسام وقد أفسدنا قولهم قبل هذا ، وإن قالوا نعم ، قيل : فما أنكرتم أن ليس كون الروح الآن في هذا القالب جزاء له على عمل كان قبل ذلك كما لم يكن كونها في القالب الأول جزاء له على عمل كان قبل ذلك. والعجب من إنكار أهل التناسخ قول المسلمين بأخذ الميثاق عليهم في الذّرّ الأول لهم لو كان ذلك صحيحا لكنّا نذكره وهم يدّعون أن روح كل إنسان كانت فيما مضى في قالب آخر وعملت فيه طاعات أو معاصي فلحقها الجزاء في هذا القالب ولا يذكر ذلك أحد منهم ولا منّا. فمن أجاز هذا وأنكر ذلك فإنما يسخر من نفسه.
المسألة السادسة من هذا الأصل
في بيان ما يعاد من الحيوانات
قد ورد الخبر بإعادة البهائم واقتصاص بعضها من بعض كاقتصاص الجماء من القرناء. وهذا في العقل جائز غير واجب. وإذا أعادها الله جاز أن يفنيها بعد الإعادة وجاز أن يجعلها بعد الإعادة ترابا. وفي بعض الروايات أن الله تعالى يجعلها ترابا فيقول الكافر حينئذ : (يا لَيْتَنِي كُنْتُ تُراباً) (١) أي ليتني صرت ترابا. وقيل إنّ الكافر هنا إبليس ومعناه أنه يقول : ليتني كنت في الأصل من تراب كما كان آدم من تراب ولم أستكبر عليه عند الأمر بالسجود له. وزعم النظام أن الله تعالى يعيد جميع الحيوانات ويجعلها كلها في الجنة. وقد رضينا له أن يكون في الجنة التي يأوي إليها الكلاب والخنازير والحيّات والعقارب والحشرات مع قتله لها في الدنيا ومنعه إياها عن كنيف (٢) داره فضلا عن بستانه. وزعم المعروف بأبي كلدة من القدرية بأن الحيوانات الحسنة التي [فيها] منافع في الدنيا تعاد إلى الجنة
__________________
(١) سورة النبإ آية ٤٠.
(٢) الكنيف : الساتر.