يصح إعادة الأعراض. وبناه على أصله في أن المعاد يكون معادا لمعنى يقوم به ولا يصح قيام معنى بالعرض فلذلك أنكر إعادته. وذهب أبو الحسن إلى أن الإعادة ابتداء ثان فكما أن الابتداء الأول صح على الجسم والعرض من غير قيام معنى بالعرض فكذلك الابتداء الثاني صحيح عليه من غير قيام معنى به. وأنكر الكعبي وأتباعه من القدرية إعادة الأعراض. وقال الجبّائي ، الأعراض نوعان : باق وغير باق. وما صح بقاؤه منها صحت إعادته بعد الفناء وما لا يصح بقاؤه فلا تصح إعادته. وأجاز ابنه أبو هاشم إعادة جميع الأعراض إلا ما يستحيل عليه البقاء عنده أو كان من مقدور العباد. ويصح عنده إعادة ما هو من جنس مقدور العباد إذا كان من فعل الله تعالى. وقال أبو الهذيل : كل ما أعرف كيفيته من الأعراض فلا يجوز أن يعاد وكل ما لا أعرف كيفيته فجائز أن يعاد. وقالت الكرّامية ما عدم بعد وجوده فلن يجوز أن يعاد جسما كان أو عرضا وإنما يجوز أن يخلق مثله. وتأولوا ما في القرآن من إعادة الخلق على معنى أنّهم يركّبون ثانيا وأجسامهم لم تعدم وإنما تفرقت أجزاؤهم. وتركيبها ثانيا هو الإعادة. وكفّرتهم الأمة كلها في هذا لأنه ليس ما ذهبوا إليه قولا لأحد من سلف هذه الأمة. وعلة التسوية بين الحوادث كلها في جواز إعادتها اشتراكها في الحدوث فلا ينكر حدوثها ثانيا كما لم يستحلّ حدوثها أوّلا.
المسألة الخامسة من هذا الأصل
في بيان ما يعاد من الأجسام والأرواح
اختلفوا في هذه المسألة : فقال المسلمون واليهود والسامرة بإعادة الأجساد والأرواح وردّ الأجساد إلى الأرواح على التعيين ؛ برجوع كل روح إلى الجسد الذي كان فيه. وأنكرت الحلولية وأكثر النصارى إعادة الأجساد والأرواح وزعموا أن الثواب والعقاب إنما يكون للأرواح. وزعم أهل التناسخ أن الإعادة إنما يكون بكرور الأرواح في أجساد مختلفة وذلك كله في الدنيا وإن كل روح أحسنت في قالبها أعيدت في قالب يتنعم فيه وكل روح اساءت في قالبها أعيدت في قالب