مجمل لحق به كقوله : (أُحِلَّتْ لَكُمْ بَهِيمَةُ الْأَنْعامِ إِلَّا ما يُتْلى عَلَيْكُمْ) (١). ونظيره من السنة قوله صلىاللهعليهوسلم : أمرت أن اقاتل الناس حتى يقولوا لا إله إلّا الله فإذا قالوها عصموا منّي دماءهم وأموالهم إلّا بحقّها (٢).
والقسم السابع : أن يكون اللفظ معقول المعنى في اللغة وضمت الشريعة إليه شروطا كلفظ الصلاة والزكاة والصوم والحج والعمرة ونحوها. فهذه اقسام المجملات في القرآن والسنة وفي كلام الناس. وكل نوع منها يصير معلوما بدليله الكاشف عن المراد به. ولا يجوز الاستدلال به الا مقرونا بما يدل على المراد به. وإذ قد بينا [من] حكم المجمل والمفسر بابا نعطف (٣) عليه بيان حكم المحكم والمتشابه من القرآن. وقد اختلفوا في ذلك فزعم قوم من القدرية مثل واصل بن عطاء وعمرو بن عبيد [إلى] أن المحكمات من القرآن ما فيه من وعيد الفساق بالعقاب والمتشابهات ما أخفى الله عزوجل عن العباد عقابه وقد حرّمه كالنظرة والكذبة وهي التي لا يعلم تأويلها إلا الله أي لا يعلم أحد هل يقع العقاب على الصغيرة أم لا ، إلّا الله ، وهذا قول فاسد لأنه يوجب أن تكون الآيات التي ليس فيها ذكر وعد ولا وعيد لا محكمة ولا متشابهة. وزعم الأصم أن المحكمات هي التي احتج الله عزوجل بها على المقرين بوجودها كاحتجاجه على أهل الكتاب بما في كتبهم من أخبار الأمم الماضية وعقابها على عصيانها وكفرها. وكذلك احتجاجه على المشركين بأنه خلقهم من الماء ونقلهم من الاصلاب إلى الأرحام وبأنهم يموتون ونحو ذلك مما شاهدوه. والمتشابه ما احتج به على المشركين في البعث والنشور ونحو ذلك مما يعرف بالنظر والاستدلال فابتغوا فيه الفتنة. وهذا القول أيضا يوجب أن تكون الآيات التي نزلت في بيان الأحكام لا على طريق الاحتجاج لا محكمة ولا متشابهة. وزعم الاسكافي أن المحكمات كل آية لها
__________________
(١) سورة المائدة آية ١.
(٢) أخرجه الترمذي عن أبي هريرة برقم ٢٦٠٦ و ٢٦٠٧ وأخرجه الحاكم في المستدرك عن أبي هريرة ١ / ٣٨٧ وعن جابر ٢ / ٥٢٢.
(٣) [فلنعطف].