الآمر عليه ولا يعرف توجه أمر الله عليه إلا من عرف الله ولا يصح منه الجمع بين معرفة الله وتوحيده وبين اعتقاده الكفر به. فلم يصح ذلك للتناقض والاستحالة. وقد بينا قبل هذا أن الوجوب والحظر والاباحة كل ذلك مستفاد بالشرع دون العقل وإن كان العقل دالّا على جواز ورود الشرع. وزعمت القدرية أن الأمر لا يصح وروده من الإله عزوجل إلا بما فيه صلاح المأمور وتعريضه لأسنى المنازل. وقد تكلمنا عليهم في هذه المسألة قبل هذا بما فيه كفاية.
المسألة السابعة من هذا الأصل
في بيان أقسام الخطاب
قد قسم النحويون الخطاب المفيد من طريق العبارة ثلاثة أقسام : اسما وفعلا وحرفا جاء لمعنى. وحقيقة الاسم عندهم ما صح إسناد الفعل إليه وما صحت إضافته والإضافة إليه وما صح دخول حرف الجر عليه وكل ما دل على معنى مفرد فهو اسم. والفعل لا يصح إضافته ولا دخول حرف الجر عليه ولا يدل على معنى وإنما يدل على معنى وزمان ماض أو مستقبل أو راهن. والحرف كلمة معناها في غيرها ولا تدل بانفرادها على شيء وقسم أصحاب المعاني الخطاب على أربعة أوجه : أمر ونهي وخبر واستخبار ، وقالوا : إنّ الطلب والشفاعة داخلان في صيغة الأمر وإن لم يجز تسميتها أمرا ، والتمني والتلهف ولفظ النفي والاستثناء والتعجب كل ذلك داخل في أقسام الخبر. ورد بعض أصحابنا الخطاب المفيد إلى ثلاثة أقسام : أمر ونهي وخبر. وقال : الاستخبار طلب الخبر والطلب من فروع صيغة الأمر. وقال آخرون من أصحابنا إنّ الخطاب المفيد كله قسمان : أمر وخبر. لأن الاستخبار طلب في صيغة الأمر. والنهي عندنا داخل في ضمن الأمر. لأن الأمر بالشيء نهي عن ضده والنهي عن الشيء أمر بضد من أضداده فرجع الخطاب كله إلى معاني الأمر والخبر.
المسألة الثامنة من هذا الأصل
في بيان وجوه الأمر والنهي
اختلفوا في الأمر إذا ورد ممن يلزم المأمور طاعته. فقال مالك والشافعي وأبو