بنفسه بلا فصل. فإن لم يأت بذلك في تلك الحالة الثانية من معرفته بنفسه صار عدوّا لله كافرا. هذا فيما يعرفه بعقله فأما الذي لا يعرفه إلا بالسمع فعليه أن يوافي بمعرفته في الحال الثانية من حال سماعه للأخبار ولا حجة عليه فيها قبل انتهاء الخبر إليه الذي يقطع العذر. وهذا قول أبي الهذيل. وقال بشر بن المعتمر إنّ الحال الثانية حال فكر واعتبار وعليه أن يأتي بالمعارف العقلية في الحال الثالثة. وزعم أكثرهم أن المعارف الكسبية لا تصاب (١) إلا بعد سبر ونظر ولا بد فيها من إمهال إلى مدة يمكن استدراك (٢) تلك المعارف فيها. وهذا قول الإسكافي وجعفر بن حرب وجعفر بن مبشر والكعبي. ويجب على قود أصول جماعتهم أن يبطلوا قولهم بأن أطفال المؤمنين والكافرين يكونون في الجنة لأن الذين ماتوا بعد انقضاء مدة كان يمكنهم فيها الاستدلال فإذا لم ينظروا وجب على أصلهم كفرهم واستحقاقهم العقاب وفي هذا بيان مناقضاتهم (٣).
المسألة الخامسة من هذا الأصل
في أوصاف المكلّف والمكلّف
ومن شرط المكلّف الآمر أن يكون حيّا وعالما بما يأمر به. ولذلك لم يكن النائم آمرا ولا ناهيا وإن تكلم بصيغة تشبه صيغة الأمر والنهي لأنه غير عالم بما قاله. ومن شرطه عندنا أن يكون الآمر بالشيء ناهيا عن ضده ولهذا قلنا إنّ الآمر بالشيء نهى عن ضده خلاف قول القدرية إنّ الأمر بالشيء لا يكون نهيا عن ضده. ومن شرط من يأمر عندنا ، مع كونه عالما ، أن يكون عارفا بأن المأمور على وصف معه يصح كونه مأمورا. ومن شرط من يحسن الأمر منه منا ، أن يكون الله قد أذن له في الأمر بما يأمر به وفي النهي عما ينهى عنه. واختلفوا في صفة المأمور فمن أجاز تكليف العاجز وتكليف المحالات قال يجب (٤) أن يكون المأمور كامل
__________________
(١) [لا تستفاد].
(٢) [استدلال].
(٣) [في أصولهم].
(٤) [يجب بشرط واحد وهو أن يكون].