بِأَنْفُسِهِنَّ
ثَلاثَةَ قُرُوءٍ) . والثاني خبر في معنى النهي كقوله تعالى : (لا يَمَسُّهُ إِلَّا الْمُطَهَّرُونَ) ومنهم من قصر التكليف على الأمر والنهي. فأما الخبر عن
وجوب شيء أو عن تحريمه فإنما حمل على معناه ، بأمر الله تعالى أن يحمل عليه. ومنهم
من قصر التكليف على معنى الأمر وقال إنّ النهي إنما صار تكليفا لأنه أمر بترك
المنهي عنه وترك ضد المأمور بفعله. فهذا بيان أقسام التكليف في الجملة. وتفصيله أن
التكليف على خمسة أقسام :
أحدها : موجب
وثانيها : محرم وثالثها : دليل على أن ما ورد به سنة ورابعها : دليل على أن ما ورد
به مكروه وخامسها : دليل على إباحة ما ورد به من غير وجوب ولا حظر ولا كراهية ولا
استحباب. وحقيقة الواجب ما يستحق بتركه العقاب والحرام ما يستحق بفعله العقاب كما
بيناه قبل هذا.
المسألة الثالثة من
هذا الأصل
في بيان شروط التكليف
(اعلموا) أن التكليف عندنا إنما يحسن ممن لو ابتدأ بالألم لحسن منه.
ومن قبح منه الابتداء بالألم من غير استحقاق فليس له تكليف غيره شيئا إلا أن يكون
الله قد أمره بتكليف غيره. وزعمت القدرية أن حسن التكليف منوط بالتعريض للثواب
وانكروا من الله تعالى ابتداء بإيلام لا على شرط ضمان العوض عليه. ومن شرط الأمر
والنهي عندنا ورودهما ممن هو فوق المخاطب بهما ومن شرطهما أيضا بقاؤهما في احوال
الوجوب والتحريم ولذلك بقي وجوب الفرائض وتحريم المحرمات إلى القيامة لأن الخطاب ،
الذي به أوجب الله تعالى الواجبات وبه حرم المحرمات ، باق عندنا. ومن زعم من
القدرية أنّ كلام الله حادث وأنّه قد فني يلزمه اسقاط وجوب كل واجب وإسقاط تحريم
كل ما حرّمه. لأن سبب الشيء إذا بطل ارتفع
__________________