المسألة الأولى من هذا الأصل
في بيان معنى التكليف
التكليف في اللغة مأخوذ من الكلفة وهي التعب والمشقة يقال منه تكلّف الأمر إذا فعله على كلفة ومشقة فهذا أصله في اللغة. ثم أطلق التكليف في الشرع على الأمر والنهي لأن المأمور بالفعل يفعل ما أمر به على كلفة من غير أن يدعوه إليه طبعه. وإذا صحت هذه المقدمة في معنى التكليف قلنا معناه. توجه الخطاب بالأمر والنهي على المخاطب ، فإن وجد مثل صيغة الأمر من النائم والمجنون والصبي الذي لا يعقل لم يكن أمرا ولا نهيا ولا تكليفا وإن وجد مثله من صبي يعقل معناه كان أمرا ونهيا وتكليفا ولكن لم يجب به على المخاطب شيء وكذلك تكليف من كلفه غيره فعل معصية لا يجب به شيء. وقد قال أصحابنا إنّ التكليف الذي يجب به شيء أو يحرم به شيء إنما هو أمر الله تعالى ونهيه. ولا يجب بأمر غيره شيء ولا يحرم بنهي غيره شيء. وإنما وجب على كل أمة طاعة نبيها واتباع أمره واجتناب نهيه لأن الله تعالى أمرهم بذلك. وكذلك لزوم طاعة الأبوين فيما أمرا به من أجل أن الله تعالى أمر بها لا من أجل أمرهما ولو لا إيجاب الله ما وجب على أحد شيء ولا حرم على أحد شيء.
المسألة الثانية من هذا الأصل
في بيان أقسام التكليف
اختلف أصحابنا في أقسام التكليف : فمنهم من قال إنّ التكليف مقصور على ثلاثة أوجه : أمر ونهي وخبر. فالتكليف بالأمر كقوله : (أَقِيمُوا الصَّلاةَ) (١) ونحوه والتكليف بالنهي كقوله : (لا تَفْتَرُوا عَلَى اللهِ كَذِباً) (٢) والتكليف بالخبر على ضربين : أحدهما في معنى الأمر كقوله تعالى : (وَالْمُطَلَّقاتُ يَتَرَبَّصْنَ
__________________
(١) سورة النساء آية ٧٨.
(٢) سورة طه آية ٦١.