سكر منه الشارب. وقطع السرقة معلق بنصاب من حرز بلا شبهة خلاف قول الأزارقة بوجوب القطع في القليل والكثير. ومن اعتبر فيه النصاب اختلفوا في مقداره : فرآه الشافعي ربع دينار أو قيمته ورآه أبو حنيفة مقدار عشرة دراهم. فإن كان ذلك في المحاربة اجتمع فيها قطع اليد والرجل من خلاف. والمحارب إذا قتل وأخذ المال جاز صلبه. وحد القذف ثمانون للأحرار وأربعون للعبيد والإماء. وأجمعوا على أن الحدود لا تجب على الصبيان والمجانين. واختلفوا في الاقتصاص من المؤمن بالذمي ومن الحر بالعبد فأسقطه الشافعي وأثبته أبو حنيفة. وأجمعوا على أنه لا يقاد الوالد بولده ولا السيد بمملوكه إلا إذا قتل ولده غيلة فإن مالكا رأى فيه القود. وهذه جملة لا يسع جهلها وفروعه مبسوطة في كتب الفقه.
المسألة الثانية عشرة (من هذا الأصل) (١)
في المحرمات والمباحات
قال أصحابنا إنّ أحكام الشريعة كلها خمسة أقسام : واجب ومحظور ومسنون ومكروه ومباح. فالواجب كل ما يستحق المكلف بتركه عقابا. والمحظور ما يستحق بفعله عقابا والمسنون ما يثاب فاعله ولا يعاقب تاركه. والمكروه ما يثاب تاركه ولا يعاقب فاعله. والمباح من أفعال المكلفين ما لم يكن في فعله ولا تركه ثواب ولا عقاب. وهذا المعنى حاصل في أفعال الصبيان والمجانين والبهائم ولا يقال لها مباحة. والجواز يجمعها كلها. وقد ورد الأمر بالمفروض والمسنون وورد النهي عن المحظور وعن المكروه. ولم يرد بالمباح أمر ولا عنه نهي. هذا قول أصحابنا. وزعم ابن الراوندي وطائفة من القدرية أن الأمر ما ورد إلا بالواجب وأن النوافل غير مأمور بها. ويلزمهم على هذا الأصل أن لا تكون النوافل طاعات ولو صحت طاعة لم يؤمر بها المطيع لصحت أيضا معصية لم ينه عنها العاصي. وزعم بعض المعتزلة البغدادية أنّا مأمورون بالمباح واعتل بأن فاعل المباح يترك به معصية وإذا كان منهيا عن المعصية فهو مأمور بتركها. ويلزمه على هذا الاعتلال أن تكون
__________________
(١) زيدت على الأصل.