المعصية مأمورا بها لأن كل معصية يترك بها فاعلها معصية سواها وكل كفر يترك به كفر سواه. وإذا بطل هذا القول بطل ما يؤدي إليه.
المسألة الثالثة عشرة من هذا الأصل
في أحكام الأموات
وللأموات ثلاثة أحكام : منها حكم الكفن والمئونة والغسل والدفن ومنها حكم الديون والوصايا التي تقضى عنهم. ومنها حكم الميراث عنهم. فأما حكم الكفن والمئونة فإنه أول ما يبدأ به من رأس مال الميت قبل الديون والوصايا ، من غير إسراف ولا تقصير على حسب العرف والعادة في يساره وإعساره. وإن تطوع أجنبي بكفنه ومئونة دفنه إبقاء لتركه على ديونه لم يجبر ورثته على قبول ذلك. وقيل للمتطوع إن أردت صلة الميت فاقض بعض ديونه. فإن لم يكن للميت مال فكفنه ومئونته على من كان يلزمه نفقته في حياته فإن لم يكن ففي بيت المال. فأما المرأة ذات الزوج فقد قال أبو حنيفة كفنها ومئونتها على الزوج وقال الشافعي : على ذوي الأنساب منها. فإن لم يكونوا أو عجزوا ففي بيت المال. وأما حكم الديون فإن كانت التركة تفيء ولا يفضل منها شيء قضيت الديون منها. وإن كانت تقصر عن الديون نظر فإن كان صاحب الدين واحدا دفعت التركة إليه بعد الكفن والمئونة.
وإن كانوا جماعة نظر فإن كان بعضهم أولى من بعض كالمرتهن والمجني عليه ورادّ السلعة بالعيب ونحوهم فهو مقدم فيما هو أولى به على غيره. وإن كانت ديونهم في الذمة ولم يكن بعضهم أولى من بعض قسمت التركة بينهم على مقادير ديونهم. ولا فرق في ذلك بين ما ثبت عليه بيّنة وبين ما أقر به قبل موته عند الشافعي. وقدّم أبو حنيفة ما أقر به في حال الصحة على ما أقر به في حال المرض. وأجمعوا على أن ما أقر به الميت قبل موته مقدم في حال المرض. وأجمعوا على أن ما أقر به الميت قبل موته مقدم على ما أقر به الورثة بعد موته. فإن فضل منهم شيء قضي به ما أقر به الوارث. وأما وصاياه فمحدودة بالثلث في قول الأكثرين وللورثة رد ما زاد منها على ثلث الباقي من التركة بعد المئونة والديون. واختلفوا في عطاياه في مرضه الذي مات منه فاعتبرها أكثرهم من الثلث وجعلها أهل الظاهر من رأس