الطفر (١) [على الصعود] (٢) إلى السماء وعلى قطع المسافة البعيدة في الساعة القصيرة وعلى إطلاق لسان الأعجمي بالعربية ونحو ذلك مما لم يجر العادة به. وزعم معمر شيخ القدرية أن المعجزات ليس شيء منها من فعل الله تعالى. لأنه قال إن الله خلق الأجسام والأجسام خلقت الأعراض في أنفسها وليست المعجزة حدوث جسم وإنما وجه الإعجاز كون الجسم على وجه لم تجر العادة به. وذلك بحصول نوع من الأعراض فيه وليست الأعراض فعلا لله تعالى. وبان من هذا أن ليست المعجزات فعلا لله عنده وإن الله نصب دلالة على صحة نبوة أحد من أنبيائه. وإذا كشفنا عن ضمير معمر في هذا الباب ظهر لنا أن غرضه إبطال الشريعة وأحكامها. وبيان ذلك أنّا إذا سألناه عن قوله في القرآن لم يمكنه أن يقول إنه فعل الله ، كما قال إخوانه من القدرية ، لدعواه إن الله لم يخلق شيئا من الأعراض. ولم يمكنه أن يقول إن كلام الله صفة من صفاته الأزلية ، كقول أصحابنا ، لأنه ينفي الصفات الأزلية. فلم يمكنه إثبات كلام الله عزوجل لا على معنى الصفة ولا على معنى الفعل. وإذا لم يكن له كلام لم يكن له أمر ولا نهي ولا خبر ولا شرع ولا حكم. وفي هذا سقوط التكليف عن العباد. وما أراد هذا المبتدع غيره. وكذلك المعروف بثمامة ، في قوله إن المتولدات أفعال لا فاعل لها ، ما أراد إلا إسقاط التكليف. لأن الكلام عنده متولد وليس هو صفة قائمة بالله عنده لنفيه صفاته ولا يصح منه الفعل على التولد فلا يصح على أصله كونه متكلما ولا آمرا ولا ناهيا ولا يكون له على هذا الأصل شرع ولا حكم ولا تكليف. ويكفي المعتزلة بهذين الشيخين منهما خزيا.
المسألة الثامنة من هذا الأصل
في كيفية الاستدلال بالمعجزة على صدق صاحبها في دعواه
إن العلم بصحة نبوة النبي فرع العلم بصحة المعجزة الدالة على صدقه في
__________________
(١) الطفرة الوثبة وبابه جلس.
(٢) [على الصعود].