صدقه وبراءة ساحته مما يقذف به جاز ذلك وسميناها حينئذ مغوثة (١). فالمعجزات للأنبياء والكرامات للأولياء والمغوثات (٢) لسائر العباد.
المسألة السادسة من هذا الأصل
في بيان ما يجب فيه قبول قول النبي
زعمت الإباضية وكثير من الخوارج أنّ نفس قول النبي صلىاللهعليهوسلم أنا نبي ودعوته إلى ما يدعو إليه حجة ولا يحتاج عليها إلى بينة وبرهان وعلى قومه قبول قوله وإن لم يأت ببرهان ، فمن لم يقبله كفر. وقد سرقت الكرّامية هذه البدعة من الإباضية فزعمت أنّ كل من سمع قول الرسول أو سمع الخبر عن ظهوره وعن دعوته لزمه الإقرار والتصديق به سواء علم برهانه وحجته أو لم يعلمها. وقال ثمامة وأتباعه من القدرية لا يحتاج النبي في الحجة على نبوته إلى أكثر من سلامة شرعه وما يأتي به ، من التناقض فيه. وقال أصحابنا : إن سلامة معجزته عن المعارضة دليل على صحته. وأما سلامة شرعه عن التخليط والنقض فيه فلا يدل على صحته لأن الكاذب لو شرع شرعا وطرد فيه قياسه لم يجب به تصديقه ولا بد من علامة تدل على صدقه ليجب بها اتباعه. ولو جاز تقليده في دعواه من غير برهان لم يكن لنا دلالة على كذب الكاذب في دعوى النبوة إذا لم يكن معه برهان صحتها. وهذا باطل فما يؤدي إليه مثله.
المسألة السابعة من هذا الأصل
في أن المعجزات كلها من الله تعالى دون غيره
قال أصحابنا : إن أكثر المعجزات من أفعال الله تعالى لا يقدر على جنسها غيره كإحياء الأموات وإبراء الأكمه والأبرص وقلب العصا حية وفلق البحر وإمساك الماء في الهواء وتشقيق القمر وإنطاق الحصى وإخراج الماء من بين الأصابع ونحو ذلك. ومنها ما هو خلق لله اختراعا وكسب لصاحب المعجزة كإقداره إنسانا على
__________________
(١) [معونة].
(٢) [والمعونات].