نواقض العادات. وليس كذلك النبي والمتنبي لأن الصورة لا توجب تمييزا بينهما فلا بد فيها من علامة ناقضة للعادة تكون مع الصادق دون الكاذب ليقع بها التمييز بينهما.
المسألة الخامسة من هذا الأصل
في الفرق بين معجزات الأنبياء وكرامات الأولياء
اعلم إن المعجزات والكرامات متساوية في كونها ناقضة للعادات. غير أنّ الفرق بينهما وجهان :
أحدهما : تسمية ما يدل على صدق الأنبياء معجزة وتسمية ما يظهر على الأولياء كرامة للتمييز بينهما.
والوجه الثاني : إن صاحب المعجزة لا يكتم معجزته بل يظهرها ويتحدى بها خصومه ويقول إن لم تصدقوني فعارضوني بمثلها. وصاحب الكرامة يجتهد في كتمانها ولا يدعي فيها. فإن اطلع الله عليها بعض عباده كان ذلك تنبيها ، لما أطلعه الله تعالى عليها ، على حسن منزلة صاحب الكرامة عنده أو على صدق دعواه فيما يدعيه من الحال.
وفرق ثالث : وهو إن صاحب المعجزة مأمون التبديل معصوم عن الكفر والمعصية بعد ظهور المعجزة عليه. وصاحب الكرامة لا يؤمن تبدل حاله فإن بلعم ابن باعورا أوتي من هذا الباب ما لم يؤت غيره ثم ختم له بالشقاء. وأنكرت القدرية كرامات الأولياء لأنهم لم يجدوا في أهل بدعتهم ذا كرامة فأنكروا ما حرموه بشؤم بدعتهم وظنوا أنّ إجازة ظهور الكرامة للأولياء يقدح في دلالة المعجزة على النبوة. وقلنا لهم ليست دلالة المعجزة مقصورة على النبوة. وإنما هي دلالة الصدق فتارة تدل على الصدق في النبوة وتارة تدل على الإخلاص والصدق في الحال وعلى أنّه لا رياء فيها. فإن قيل أجيزوا على هذا القياس ظهورها على الفاسق للدلالة على صدقه في بعض ما يصدق فيه. قيل إن أظهر الله له علامة تدل على