والشرط الخامس : أن لا يتأخر عن دعواه تأخرا يعلم أنه لا يتعلق بها.
والشرط السادس : أن يكون ذلك في زمان التكليف كما بيناه قبل هذا.
المسألة الثانية من هذا الأصل
في بيان أقسام المعجزات
إن المعجزات على الأعداد كثيرة الإمداد غير أنها في الجملة نوعان : أحدهما : وجود فعل غير معتاد مثله. والثاني : تعجيز الفاعل بشيء معتاد عن فعل مثله ، كمنع زكريا عن الكلام ثلاث ليال بعد أن كان معتادا له للدلالة على صحة ما بشّر به من الولد. وما كان منها على الوجه الأول فضربان :
أحدهما : لا يدخل تحت قدرة من هو معجزة له وفيه ولا تحت قدرة غيره من الخلق ولا يقدر عليه غير الله عزوجل وذلك مثل اختراع الأجسام والألوان والحواس وإحياء الموتى وإبراء الأكمه والأبرص ونحو ذلك.
والضرب الثاني منه : لا يدخل تحت قدرة من هو معجزة فيه وله ، على الوجه الذي أظهره الله تعالى عليه وإن دخل مثل أبعاضه وجنسه تحت قدرة العباد بأن يكتسبوه في أنفسهم ويستحيل منه فعله في غيرهم لقيام الدلالة عندنا على إبطال التولد. وهذا مثل الكلام المنظوم نظم القرآن في فصاحته وبلاغته المفارقة لبلاغات البلغاء وإن كانت جنس العبارات ومفردات الألفاظ وبعض أنواع التركيب منها مقدورا للعباد. وزعم القائلون بالتولد من القدرية أن المعجزة يجب أن لا تدخل تحت قدرة من يتحدى بمثله على الوجه الذي يفعله الله عزوجل [وأجازوا] كونه مقدورا على ذلك الوجه لمن ليس بمعجز له ولا هو متحدى بمثله وإن من لا يتحدى بمثله قد يقدر على فعل مثله في غيره كما يفعله الله عزوجل في ذلك المحل. وهذا باطل عندنا لقيام الدلالة على بطلان التولد. وزعمت القدرية أن العباد قادرون على مثل القرآن في الفصاحة والنظام غير أنهم كانوا عند التحدي به مصروفين عن فعل ذلك. وزعمت القدرية أيضا أنّ قلب المدن والزلازل من فعل