المسألة الأولى من هذا الأصل
في بيان معنى المعجزة والكرامة
المعجزة في اللغة مأخوذة من العجز الذي هو نقيض القدرة. والمعجز في الحقيقة فاعل العجز في غيره وهو الله تعالى كما أنه هو المقدر لأنه فاعل القدرة في غيره. وإنما قيل لأعلام الرسل عليهمالسلام معجزات لظهور عجز المرسل إليهم عن معارضتهم بأمثالها. وزيدت الهاء فيها فقيل معجزة للمبالغة في الخبر عن عجز المرسل إليهم عن المعارضة فيها كما وقعت المبالغة بالهاء في قولهم : علامة ونسابة وزاوية. وحقيقة المعجزة على طريق المتكلمين : ظهور أمر خلاف العادة في دار التكليف لإظهار صدق ذي نبوة من الأنبياء أو ذي كرامة من الأولياء مع نكول من يتحدى به عن معارضة [مثله]. وإنما قيدنا هذا الحد بدار التكليف لأن ما يفعله الله تعالى يوم القيامة من أعلامها على خلاف العادة فليست بمعجزة لأحد. وإنما شرطنا في الحد خلاف العادة لأن المعتاد من الأفعال يشترك في دعواها الصادق والكاذب. وإنما اشترطنا فيه إظهاره لصدق نبي أو ولي لجواز ظهور ما يخالف العادة على مدعي الإلهية فلا يكون دلالة على صدقه كالذي يظهر على الدجال في آخر الزمان. وصورته كافية في الدلالة على كذبه فلا ضرر في ظهور ما يخالف العادة عليه. وللمعجزة عندنا شروط :
أحدها : أن تكون من فعل الله عزوجل أو ما يجري مجرى فعله وإن لم يكن في نفسه فعلا.
والشرط الثاني : أن يكون ناقضا للعادة فيمن هو معجز له وحجة عليه.
والشرط الثالث : أن يتعذر على المتحدّى به فعل مثله في الجنس أو على الوجه الذي وقع التحدية عليه.
والشرط الرابع : أن يكون مطابقا لدعوى من ظهرت عليه على وجه التصديق. فأمّا إن شهدت بتكذيبه فهي خارجة من هذا الباب.