المسألة الرابعة عشرة من هذا الأصل
في تفضيل الأنبياء على الأولياء
زعم قوم من الكرّامية أن في الأولياء من هو أفضل من بعض الأنبياء. وزعم جهّالهم أن زعيمهم ابن كرام كان أفضل من عبد الله بن مسعود ومن كثير من الصحابة. وزعم بعض غلاة الروافض أن الإمام أفضل من النبي. وكان هشام بن الحكم الرافضي يشترط العصمة في الإمام ويجيز الخطأ على النبي صلىاللهعليهوسلم. ويزعم أنه عصى ربه في أخذ الفداء من أسارى بدر غير أن الله تعالى غفر له ذلك. وفي هذا تفضيل منه للإمام على الرسول. وقال أهل الحق إن كل نبي أفضل من جميع الملائكة (فتفضيله (١)) على من دونهم أولى.
المسألة الخامسة عشرة من هذا الأصل
في بيان عصمة الأنبياء عليهمالسلام
أجمع أصحابنا على وجوب كون الأنبياء معصومين بعد النبوة عن الذنوب كلها. وأما السهو والخطأ فليسا من الذنوب فلذلك ساغا عليهم. وقد سها نبينا صلىاللهعليهوسلم في صلاته حتى سلم عن الركعتين ثم بنى عليهما وسجد سجدتي السهو. وأجازوا عليهم الذنوب قبل النبوة. وتأولوا على ذلك كل ما حكى في القرآن من ذنوبهم. وأجاز ابن كرام في كتابه الذنوب من الأنبياء من غير تفضيل منه. ولأصحابه اليوم في ذلك تفصيل ويقولون يجوز عليهم من الذنوب ما لا يوجب حدا ولا تفسيقا. وفيهم من يجيز الخطأ في التبليغ ويزعم أنه أخطأ عند تبليغ قوله : (وَمَناةَ الثَّالِثَةَ الْأُخْرى) (٢) ، حتى قال : تلك الغرانيق العلى شفاعتها ترتجى. وقال أصحابنا إنّ ذلك كان من إلقاء الشيطان في خلال قراءة النبي صلىاللهعليهوسلم فظنه المشركون من قراءته. واختلفت القدرية فمنهم من قال إنّ ذنوب الأنبياء خطأ من جهة التأويل والاجتهاد ولم يجوز عليهم أن يفعلوا ما علموا أنه ذنب قصدا. وقالوا
__________________
(١) وردت في المطبوع تفضيله.
(٢) سورة النجم آية ٢٠.