قضية العقيدة مواجهة اللّامبالاة ، فلا يجدون ضرورة للتأمّل ، فيمتدون في حالة الاسترخاء الفكري طلبا للراحة من عناء التغيير الفكري ، ويمعنون في الضلال في ما يسوّل لهم الشيطان من الإخلاص لعقيدة الآباء والأجداد ، فيعبدون الأصنام ويقدّسونها ما شاءت لهم الأهواء ذلك ...
وفجأة يتغير كل شيء من حولهم ، عند ما يحيط بهم عذاب الله في ما ينزله من بلاء ، وفي ما يهدّدهم من أسباب الهلاك ، وعند ما تقترب منهم ساعة الموت ، فما ذا يحدث؟ هل يلجأون إلى الأصنام التي يعبدونها لتدفع ذلك عنهم؟! إن القرآن ينفي ذلك ، لأن هذا التقديس لا يعيش في الأغوار العميقة للإنسان ، بل يطفو على الطبقة السطحيّة من تفكيره ، فإذا اهتزت تلك الطبقة اهتزّت معها كل القناعات الطارئة ، وبدأ التفكير العميق يتحرك في مستوى الحقيقة الصارخة ... فهذه الأصنام لا تملك الحياة لنفسها فكيف تملكها للآخرين ، ولا تدفع الضُّرَّ عن وجودها ، فكيف تدفعه عن الآخرين؟!
ويتساءل الإنسان بفطرته التي تنزع إلى الالتجاء نحو القوّة المطلقة التي هي الملجأ والملاذ في مطلق الأحوال ، ولكل شيء : إلى أين؟ وينفتح في قلبه النور الإلهي في إشراقة الإيمان العميق .. فهذا هو الله خالق كل شيء ، ومرجع كل شيء. وتنطلق الدعوات في جوّ اليقظة ، ابتهالا وخشوعا وخضوعا إليه ، وتغيب الأصنام الحجرية والخشبية والبشرية في ضباب النسيان. وهنا يأتي الدور الإلهيّ من خلال ما تقتضيه حكمته العالمة بأسرار الأشياء والأشخاص ، فيكشف البلاء ، ويستجيب الدعاء إن شاء أو يهمل كل ذلك ؛ لأن الموقف الإشراكيّ والعصيانيّ قد وصل إلى الحدّ الذي لا مجال معه للرحمة الإلهيّة.
والآن .. لماذا يثير القرآن أمامهم هذه الرؤية؟ إننا نحسب أن القضية تتجه إلى الإيحاء للمشركين والكافرين بإعادة النظر بقناعاتهم ، وذلك بدراسة