قال صاحب الميزان : لعلّ المقصود من الجمع بين البأساء والضرّاء الدلالة على تحقق الشدائد في الخارج كالجدب والسيل والزلزلة وما يعود إلى الناس من قبلها من سوء الحال كالخوف والفقر ورثاثة الحال (١).
(يَتَضَرَّعُونَ) : يخضعون ويتذلّلون إلى الله سبحانه ، فيرجعون إلى واقعهم ، ويتطامنون من كبريائهم. والضراعة : الخضوع والذل والاستكانة ، والتضرع هو إظهار الضراعة ، قيل : إن أصله من تناول ضرع الأمّ ، ومثل الضرع الحمل الضعيف والصغير من كل شيء.
(مُبْلِسُونَ) : متحيّرون يائسون من كل أمل في النجاة ، فاقدون لكل معنى في الحياة ، يعيشون الحيرة والحسرة وانقطاع الحجة.
يقال : أبلس إذا سكت تحيّرا ويأسا وانقطاعا. قال الراغب : الإبلاس : الحزن المعترض من شدة البأس. يقال : أبلس ، ومنه اشتق إبليس في ما قيل ، قال عزوجل : (وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ يُبْلِسُ الْمُجْرِمُونَ) (٢) [الروم : ١٢].
(دابِرُ) : الدابر يقال للمتأخر وللتابع ، إما باعتبار المكان أو باعتبار الزمان ، أو باعتبار المرتبة. والمعنى : إن الهلاك استأصلهم وأبادهم جميعا فلم ينج منهم أحد ، ولم يبق لهم عقب ولا نسل.
* * *
دعوة للتفكير واليقظة
وهذه دعوة قرآنية للتفكير في الاتجاه السليم الذي يقود الناس إلى الإيمان ، وخلاصتها أن مشكلة الكافرين والمشركين ، هي أنهم يواجهون
__________________
(١) تفسير الميزان ، ج : ٧ ، ص : ٩٠.
(٢) مفردات الراغب ، ص : ٥٨.