والحجابة والندوة والنبوة ، فما ذا يكون لسائر قريش؟ فأنزل الله تعالى هذه الآية (١).
وروى الترمذي والحاكم عن علي قال : قال أبو جهل للنبي صلىاللهعليهوآلهوسلم : إنا لا نكذبك ، ولكن نكذب بما جئت به ، فأنزل الله : (فَإِنَّهُمْ لا يُكَذِّبُونَكَ وَلكِنَّ الظَّالِمِينَ بِآياتِ اللهِ يَجْحَدُونَ) (٢).
وقال مقاتل : نزلت في الحارث بن عامر بن نوفل بن عبد مناف بن قصي بن كلاب كان يكذب النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم في العلانية ، وإذا خلا مع أهل بيته قال : ما محمد من أهل الكذب ولا أحسبه إلا صادقا ، فأنزل الله الآية (٣).
ونلاحظ على هذه الروايات ، أنها أكدت على محاولة الفصل في التكذيب بين النبي وما جاء به ، كما في الرواية الثانية ، بينما الرواية الأولى تؤكد صدق النبي بما جاء به مطلقا ، ولكن التكذيب الظاهري كان من أجل أن لا تكون النبوة في بني قصيّ بالإضافة إلى ما لديهم من السقاية والحجابة والندوة ، فليس هناك جحود بآيات الله ولا تكذيب للنبي في الواقع بل في الظاهر ، وهذا ما تدل عليه الرواية الثالثة التي نسبت الكلام إلى الحارث بن عامر لا إلى أبي جهل.
وهذا كله لا يتناسب مع سياق الآية التي تثير القضية على أساس الحديث مع النبيصلىاللهعليهوآلهوسلم الذي كان يعيش الحزن على رفض قومه لرسالته وتكذيبهم له ، بادعائهم أن هذا التكذيب ليس موجها ضد النبي شخصيا ليعيش الحزن ، بل هي موجهة إلى الله في جحودهم بآياته مما يجعل الجحود لوحيه وليس له بالذات ، فإذا كانت المسألة ـ بهذا المستوى ـ فلا ضرورة
__________________
(١) أسباب النزول ، ص : ١٢٠.
(٢) السيوطي ، عبد الرحمن جلال الدين ، الدر المنثور في التفسير بالمأثور ، دار الفكر ، ١٩٩٣ م ـ ١٤١٤ ه ، ج : ٣ ، ص : ٢٦٣.
(٣) أسباب النزول ، ص : ١٢٠.