وذلك هو مغزى التعبير بالأوزار على الظهور ، للإيحاء بأن الانحراف عن خط الله في العقيدة والعمل يثقل روح الإنسان وضميره وحياته ومصيره .. فاستعار الثقل المادي للثقل المعنويّ.
(أَلا ساءَ ما يَزِرُونَ) وأيّ سوء أشد من العناء الذي يلاقيه الإنسان من أحمال ثقيلة ينوء بها ، ثم تلقي به ـ بعد ذلك ـ في أعماق الهاوية ، من دون أن يجني من تعبه إلَّا الخسران والعذاب؟! وتلك هي الحسرة الكبرى التي يواجه فيها الإنسان ـ بعد العناء الطويل ـ الخسران الكبير.
* * *
الحياة الدنيا لعب ولهو
(وَمَا الْحَياةُ الدُّنْيا إِلَّا لَعِبٌ وَلَهْوٌ) إنها حقيقة الحياة العارية ، بعيدا عن كل الزخارف التي تلونها ، إذ ماذا يوجد خلف الصراعات والخلافات والشهوات والأطماع والحركات الخاصة والعامة ، إذا جرد الإنسان نفسه من الأهداف التي تربطه بالدار الآخرة؟ ماذا يبقى منها؟ لا شيء سوى اللهو الذي يشغلكم ويملأ فراغ أنفسكم وأوقاتكم ، ثم لا يبقى منه شيء بعد انقضاء الوقت والاستسلام للنوم ، ولا شيء بعد ذلك ، سوى اللعب الذي يمارس فيه الإنسان بعضا من الحركات والأوضاع المثيرة المعجبة التي تحرّك الأعضاء والأفكار والمشاعر ، ثم ينتهي كل شيء عند ما تهدأ الساحة وينتهي اللاعبون.
إن الشيء الذي يجعل لحركة الإنسان معنى ، إنما هو السعي باتجاه الهدف الذي يحكم حياته ويربط مصيره .. أمّا إذا فرّغها من ذلك كله كما يفعل الماديون ولم يلتق فيها بالله ولم يستهدف الدار الآخرة ـ كغاية ـ فإنه لا يزيد عن أن يكون لاهيا لاعبا .. في ما يعنيه اللهو واللعب من البعد عن ربط العمل بقضية المصير.