وانحصاره فيه ، لأن مفاتح الغيب أو خزائن الغيب لا يعلمها غيره.
(يَتَوَفَّاكُمْ) : ينيمكم ، لما في النوم من انقطاع يصرف النفس عن البدن ، فيزول الحس والشعور والتمييز. والتوفّي : أخذ الشيء بتمامه ، ويستعمل في القرآن بمعنى أخذ الروح في حال الموت : (حَتَّى إِذا جاءَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ تَوَفَّتْهُ رُسُلُنا) [الأنعام : ٦١] وبمعنى الإنامة ، ولهذا فمن الخطأ أن يقال : إن الوفاة والموت مترادفان.
(جَرَحْتُمْ) الجرح : العمل بالجارحة ، والاجتراح : الاكتساب ، وهو ـ كما قيل ـ : خاص باكتساب الإثم والذنوب.
(يُفَرِّطُونَ) : لا يغفلون ، ولا يتوانون.
(ظُلُماتِ) : المراد من الظلمات هنا : الشدائد والأهوال عن ابن عباس. قال الزجاج : العرب تقول لليوم الذي تلقى فيه شدّة يوم مظلم ، حتى أنهم يقولون : يوم ذو كواكب ، أي : قد اشتدت ظلمته حتى صار كالليل ... وقال غيره : أراد ظلمة الليل وظلمة الغيم وظلمة التيه والحيرة في البر والبحر ، فجمع لفظه ليدل على معنى الجمع (١).
(تَضَرُّعاً وَخُفْيَةً) : إعلانا وإسرارا ، والتضرع : إظهار الضراعة ، وهي الذل والخضوع والاستكانة. والخفية : هي الخفاء والاستتار.
(كَرْبٍ) : الكرب : الحزن يأخذ بالنفس. قال الراغب : وقد يوصف الغمُّ بأنه عقدة على القلب (٢).
(يَلْبِسَكُمْ) : يخلطكم ويضرب بعضكم ببعض جرّاء التحزّبات النابعة من أهواء وعداوات. يقال : لبست عليهم الأمر ألبسه : إذا لم أبيّنه وخلطت بعضه ببعض ، واللبس : اختلاط الأمر واختلاط الكلام ، ولابست الأمر :
__________________
(١) مجمع البيان ، ج : ٤ ، ص : ٣٩٢.
(٢) مفردات الراغب ، ص : ٤٤٥.