ينطبق عليه أمثال : (يُرِيدُونَ وَجْهَ اللهِ) [الروم : ٣٨] وقوله : (إِنَّما نُطْعِمُكُمْ لِوَجْهِ اللهِ) [الإنسان : ٩] ، وغير ذلك ، وكذا الصفات التي يستقبل بها الله سبحانه خلقه كالرحمة والخلق والرزق والهداية ونحوها من الصفات الفعلية ، بل الصفات الذاتية التي نعرفه تعالى بها نوعا من المعرفة كالحياة والعلم والقدرة ، كل ذلك وجهه تعالى يستقبل خلقه بها ويتوجه إليه من جهتها كما يشعر به بعض الإشعار أو الدلالة قوله تعالى : (وَيَبْقى وَجْهُ رَبِّكَ ذُو الْجَلالِ وَالْإِكْرامِ) [الرحمن : ٢٧] فإن ظاهر الآية أن قوله : (ذُو الْجَلالِ وَالْإِكْرامِ) نعت للوجه دون الرب (١).
ونلاحظ على ذلك ، أن ما ذكره لا يخلو من التكلّف في حمل الكلمة على هذا المعنى لأن الآيات التي وردت فيها الكلمة ذات مضمون واحد من حيث التعبير عن الله ففي قوله تعالى : (كُلُّ شَيْءٍ هالِكٌ إِلَّا وَجْهَهُ) [القصص : ٨٨] وقوله : (كُلُّ مَنْ عَلَيْها فانٍ* وَيَبْقى وَجْهُ رَبِّكَ ذُو الْجَلالِ وَالْإِكْرامِ) [الرحمن : ٢٦ ـ ٢٧] يراد بالوجه الذات لبيان الحقيقة الوجودية ، وهو فناء الخلق كله إلا الله في ذاته فهو الباقي ، لا ناحيته وصفاته ونحو ذلك. وهكذا قوله تعالى : (فَأَيْنَما تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللهِ) [البقرة : ١١٥] قوله تعالى : (يُرِيدُونَ وَجْهَهُ) فإن الظاهر من الآية الأولى أنك ستجد الله في أي موقع وجدت فيه ، لأن الله لا يحدّه مكان ، وكذا في الآية الثانية فإن الظاهر منها أن هؤلاء الناس الذين يدعون ربهم بالغداة والعشي يريدونه ، هو ، لا غيره بمعنى أنهم يتوجهون إلى ذاته المقدسة في مقابل التوجه إلى غيره ، وكذا قوله تعالى : (إِنَّما نُطْعِمُكُمْ لِوَجْهِ اللهِ) [الإنسان : ٩] فإن الظاهر منها أن الإطعام لله هو للحصول على القرب منه لا لحساب غيره أو لطمع معين. والله العالم.
* * *
__________________
(١) تفسير الميزان ، ج : ٧ ، ص : ١٠٣.