خطابات السورة متوجهة إلى المشركين من قريش أو العرب بحسب السياق ، وقائل : إن المراد بهم كل معترف بالحشر من مسلم أو كتابي ، وإنما حصر هؤلاء المعترفون بالأمر بالإنذار مع أن وجوب الإنذار عام لجميع الخلق لأن الحجة أوجبت عليهم الاعتراف بالمعاد.
إن ملاحظتنا ـ في هذا المجال ـ هي أن الآية تؤكد على الاهتمام بهؤلاء الناس الذي يعيشون همَّ الحشر إلى ربهم ، فيدفعهم ذلك إلى الاستماع بوعي والتفكير بمسؤولية فيهتدون بما يسمعونه من الآيات ، وليست في وارد الحديث عن الأفكار المسبقة التي يحملها المنذرون في الإيمان بيوم الحشر أو غيره.
إنها إشارة إلى الإنذار الجديّ المتحرّك في الواقع المشمول بالدعوة في مقابل الذين يعيشون الحياة استرخاء وضياعا وترفا وغفلة عن مستقبل الدنيا والآخرة ، من هؤلاء الذين قد يفكرون بأن على النبي أن يطرد المؤمنين الذين لا يصنفون من الدرجة العليا في السلّم الطبقي ، (لَيْسَ لَهُمْ مِنْ دُونِهِ وَلِيٌ) لأن الله هو ـ وحده ـ الولي للخلق كلهم وهذا ما يؤمن به أمثال هؤلاء ، (وَلا شَفِيعٌ) يملك الضغط على إرادة الله بحيث يمكن لهم اللجوء إليه للحصول على الأمن من خلاله ، لأن الشفعاء الذين ثبتت لهم الشفاعة لا يملكون الشفاعة بعيدا عن إرادته وإذنه لأن الشفاعة لا تنفع إلا بإذنه : (وَلا يَشْفَعُونَ إِلَّا لِمَنِ ارْتَضى) [الأنبياء : ٢٨] فلا استقلال لهم بالشفاعة كما يحدث في الدنيا للتحرك من ذات الشفيع في الاستفادة من خطوته الضاغطة على صاحب الحق ، بل تتحرك من المنهج الذي وصفه الله لهم في برنامج الشافعة وليس معناها أن تكون صورية تمثيلية ، بل إن الله يكرمهم بها فيشفعهم بمن يريدون الشفاعة له طبقا للبرنامج الذي يعرفونه في الأشخاص الذين يشفعون لهم بحيث يعرفون أن الله يرتضي ذلك لهم (لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ).