يقفون في خطّ المواجهة المضادّ الذي يشعر بالرسالة ، كما لو كانت الخطر الزاحف على كل وجودهم بالموت.
* * *
وأنذر به المؤمنين
(وَأَنْذِرْ بِهِ) أي بالقرآن (الَّذِينَ يَخافُونَ أَنْ يُحْشَرُوا إِلى رَبِّهِمْ) ممن يعيشون قلق المصير في الدار الآخرة أمام الآيات التي تتحدث عن يوم القيامة وعن أحواله وعذاباته من خطوط وأعمال ، فهؤلاء هم الذي انفتحت قلوبهم للتقوى ، وتحركت مواقفهم للطاعة.
وليس المراد اختصاص الإنذار بهؤلاء فلا إنذار للذين أغلقت عقولهم عن التفكير بنتائج المسؤولية السلبية والإيجابية ، وختم الله على قلوبهم ، بل فإن الإنذار عام للجميع ، ولكن المراد ـ والله العالم ـ أن حركة الإنذار في الوعي والالتزام تنطلق من الجدّية في قلق المعرفة الذي يجعل الإنسان يلاحق علامات الاستفهام في وجدانه ليبحث ـ من خلالها ـ عن جواب ، ويتابع القضايا المثارة في الآيات ، ليتدبرها في طريق الوصول إلى الحقيقة ، أما الذي لا يفكر في الأمور بطريقة مسئولة ، فإنه لا يستمع إلى الإنذار استماع وعي وفهم وتدبر لأنه يتحرك في الحياة في الخط اللاهي العابث ، ويرى في حركة الانتماء إلى هذا الاتجاه أو ذاك لعبا وعبثا ومضيعة للوقت.
وفي ضوء هذا فإن التخصيص بهؤلاء وارد في مقام بيان واقعية الإنذار المؤثر بالنفس. فلا يبقى هناك مجال للجدل الدائر بين المفسرين ، بين قائل ، إن الآية نزلت في المؤمنين القائلين بالحشر وأنهم هم الذين عنوا في الآية التالية بقوله : (وَلا تَطْرُدِ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَداةِ وَالْعَشِيِ). وقائل : إنها نزلت في طائفة من المشركين الوثنيين يجوزون الحشر بعد الموت وإن لم يثبت وجود القائل بهذا القول بين مشركي مكة أو العرب يوم نزول السورة مع كون