المذكورة ، ثم شيوع النقل بالمعنى في الأحاديث والتوسّع البالغ في كيفية النقل ، أو هم أن الآيات نزلت في خصوص الوقائع الخاصة على أن تكون أسبابا منحصرة ، فلا اعتماد في أمثال هذه السورة من السور التي نزلت دفعة على أزيد من أنها تكشف عن نوع ارتباط للآيات بالوقائع التي كانت في زمنه صلىاللهعليهوآلهوسلم ، ولا سيّما بالنظر إلى شيوع الوضع والدسّ في هذه الروايات والضعف الذي فيها وما سامح به القدماء في أخذها ونقلها.
وقد روى في الدر المنثور عن الزبير بن بكار في أخبار المدينة عن عمر بن عبد الله بن المهاجر أن الآية نزلت في اقتراح بعض الناس أن يطرد النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم الضعفاء من أصحاب الصفّة عن نفسه في نظير من القصة ويضعفه ما تقدم في نظيره أن السورة إنما نزلت دفعة وفي مكة قبل الهجرة (١).
* * *
ولا تطرد الذين يدعون ربهم بالغداة والعشي
وهذا هو المجتمع الذي يريد الله لرسوله أن يدخل عليه بالدعوة إليه ، وليس المجتمعات الغنيّة اللاهية المستكبرة التي أغلقت قلوبها عن كل النداءات التي ترهق الإحساس ، وتحرّك الشعور ، وتقود الإنسان إلى خط المسؤولية النابضة بحركة الحياة المسؤولة ، والتي ابتعدت عن كل الأجواء الروحية التي تدفع الخطوات في طريق السلام الأمين .. فإن هذه المجتمعات لا تمثل في حساب الدعوة ، القيمة الكبيرة ، في ما يتداوله الناس من حسابات القيم ، لأن الإسلام لا يعطي القيمة للجهات المنتفخة بالكبرياء والخيلاء ، بل يعطيها لتلك الجهات الجدّية المنفتحة على المستقبل في قلق
__________________
(١) تفسير الميزان ، ج : ٧ ، ص : ١١٢ ـ ١١٣. وقد وردت الرواية الأخيرة في : الدر المنثور ، ج : ٣ ، ص: ٢٧٤.