المطلقة والإرادة المطلقة والملك المطلق في ما يصدر منه ، ولعل هذا ما يريده المفسرون مع اختلاف التعبير.
(الْغَيْبَ) : كل غائب عن الحاسة وعما يغيب عن علم الإنسان بمعنى الغائب ، والمراد هنا ـ كما يقول الراغب ـ ما لا يقع تحت الحواس ولا تقتضيه بداية العقول ، وإنما يعلم بخبر الأنبياء عليهمالسلام ، وبدفعه يقع على الإنسان اسم الإلحاد (١).
والظاهر أن المراد به العلم بخفايا الأمور وقضايا المستقبل التي لا يملك الإنسان الوسائل إلى معرفتها مما يحتاج فيه إلى إعلام الله ، ولا يشمل الأمور التي يمكن للناس أن يعرفوها بوسائلهم الخاصة مثل القضايا التاريخية التي هي في معرض العلم وإن لم يعلم بها الإنسان فعلا ، كما ورد في قوله تعالى ، في قصة يوسف : (ذلِكَ مِنْ أَنْباءِ الْغَيْبِ نُوحِيهِ إِلَيْكَ وَما كُنْتَ لَدَيْهِمْ إِذْ أَجْمَعُوا أَمْرَهُمْ وَهُمْ يَمْكُرُونَ) [يوسف : ١٠٢] وقوله في قصة مريم : (ذلِكَ مِنْ أَنْباءِ الْغَيْبِ نُوحِيهِ إِلَيْكَ وَما كُنْتَ لَدَيْهِمْ إِذْ يُلْقُونَ أَقْلامَهُمْ أَيُّهُمْ يَكْفُلُ مَرْيَمَ وَما كُنْتَ لَدَيْهِمْ إِذْ يَخْتَصِمُونَ) [آل عمران : ٤٤] وقوله ـ بعد قصة نوح ـ : (تِلْكَ مِنْ أَنْباءِ الْغَيْبِ نُوحِيها إِلَيْكَ ما كُنْتَ تَعْلَمُها أَنْتَ وَلا قَوْمُكَ مِنْ قَبْلِ هذا) [هود : ٤٩]. فإن هذا كان غيبا عن الرسول ، لكنه «يدخل في مصطلح علم الغيب».
(مَلَكٌ) : قال الراغب ـ في المفردات ـ : وأما الملك ، فالنحويون جعلوه من لفظ الملائكة ، وجعل الميم فيه زائدة وقال بعض المحقّقين : هو من الملك. قال : والمتولّي من الملائكة شيئا من السياسات يقال له : ملك ، بالفتح ، ومن البشر يقال له : ملك بالكسر ، فكل ملك ملائكة ، وليس كل ملائكة ملكا ، بل الملك هو المشار إليه بقوله : (فَالْمُدَبِّراتِ أَمْراً) [النازعات : ٥](فَالْمُقَسِّماتِ أَمْراً) [الذاريات :](وَالنَّازِعاتِ) [النازعات : ١] ونحو ذلك ، ومنه ملك الموت ، قال : (وَالْمَلَكُ عَلى أَرْجائِها) [الحاقة: ١٧](عَلَى الْمَلَكَيْنِ بِبابِلَ)
__________________
(١) مفردات الراغب ، ص : ٣٨١.