وقيل : هي من ماد يميد إذا تحرك فهي فاعلة ... وماد به البحر يميد فهو مائد إذا تحركّ به ... وأصله الحركة (١) ، ولعلّ إطلاق المائدة على الخوان أو الطعام لما يلازمها من التحرّك والإخفاء.
(عِيداً) : العيد اسم لما عاد البيت من شيء في وقت معلوم. قالوا للخيال : عيد ، ولما يعود إليك من الحزن عيد ، وقال الليث : العيد كل يوم مجمع ، وقال الراغب : العيد ما يعاود مرّة بعد أخرى ، وخصّ في الشريعة بيوم الفطر ويوم النحر ، ولما كان ذلك اليوم مجعولا للسرور في الشريعة كما نبّه النّبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم بقوله : أيام أكل وشرب وبعال ، صار يستعمل العيد في كل يوم فيه مسرّة ، وعلى ذلك قوله تعالى : (أَنْزِلْ عَلَيْنا مائِدَةً مِنَ السَّماءِ تَكُونُ لَنا عِيداً) (٢).
* * *
الحواريون يطلبون من عيسى إنزال مائدة من عند الله
آمن الحواريون بعيسى عليهالسلام ، لكنّهم أرادوا آية يستريحون إليها ، ويحققون فيها بعض أمنياتهم الذاتيّة ، ويحصلون من خلالها على حالة الاطمئنان القلبي الّتي تتطلب معرفة القضايا بالحس ، بعد معرفتها بالعقل ، لأنّ المعرفة العقليّة قد تقنع الفكر ببراهينها وحججها ، ولكنّ الحس يبقى عرضة للأوهام والهواجس الّتي تمر به كمثل الأشباح ، وتمنحهم حجّة ذاتية أمام خصوم الرسالة ، بالمستوى الّذي يجعلهم شهودا على القضيّة بالطريقة الحسيّة المباشرة. كانوا يريدون أن يشعروا بالخصوصية الحميمة في علاقتهم بعيسى عليهالسلام ، وكانوا يتساءلون ، فيما بينهم وبين أنفسهم ، عن منزلتهم عند
__________________
(١) م. س. ، ج : ٣ ، ص : ٣٢٩.
(٢) مفردات الراغب ، ص : ٣٦٤.