الشبهة ، بل كان ذلك لمجرّد الفضول الذاتي الّذي يدفع الإنسان إلى السؤال من خلال عناصر الإثارة في الساحة ، ليثير الجوّ من حوله في عمليّة تساؤل ونقاش. فأراد الله لهم أن يتركوا ذلك من أجل أن يتحول السؤال عندهم ، في ما يمثّله من قلق المعرفة ، إلى سبيل من سبل إغناء الفكر العملي عنده ، في ما يحتاجه في حركة العقيدة أو الحياة ، بعيدا عن الأشياء الّتي لا علاقة لها بذلك ، بل هي من القضايا الّتي تمثّل ترفا فكريا لا ضرورة له.
* * *
وقفة مع الميزان
وقد أثار صاحب الميزان الحديث حول اختصاص الآية بالسؤال عن متعلّقات الأحكام وخصوصياتها مما لا ضرورة له ، لأنّ الله لم يعرض لها في ما يعرض له من تفاصيل الآيات ، ولم يكلّف الإنسان عناء العمل في دائرتها. قال في توجيه ذلك : «إنّ الآية الثانية : (قَدْ سَأَلَها قَوْمٌ مِنْ قَبْلِكُمْ) إلخ ، وكذا قوله : (وَإِنْ تَسْئَلُوا عَنْها حِينَ يُنَزَّلُ الْقُرْآنُ تُبْدَ لَكُمْ) تدل على أنّ المسؤول عنها أشياء مرتبطة بالأحكام المشرعة كالخصوصيات الراجعة إلى متعلّقات الأحكام مما ربّما يستقصي في البحث عنه والإصرار في المداقة عليه ، ونتيجة ذلك ظهور التشديد ونزول التحريج كلّما أمعن في السؤال وألح على البحث كما قصّة الله سبحانه في قصة البقرة عن بني إسرائيل ، حيث شدّد الله سبحانه بالتضييق عليهم كلّما بالغوا في السؤال عن نعوت البقرة الّتي أمروا بذبحها» (١).
ولكنّنا نعتقد أنّ ذلك لا يخصص الآية بما ذكر من حيث الاستيحاء ، وإن
__________________
(١) تفسير الميزان ، ج : ٦ ، ص : ١٥٢.