قائمة الکتاب
لا تحلوا شعائر اللّه ولا الشهر الحرام
٢٣
إعدادات
تفسير من وحي القرآن [ ج ٨ ]
تفسير من وحي القرآن [ ج ٨ ]
تحمیل
ويسيطر على الساحة بفعل الظروف الموضوعيّة المحيطة به ، وربّما يقل الطيبّ ويضعف بفعل التحديات الّتي تواجهه والمؤثرات السلبيّة الّتي تفعل السيئ ، فتؤخر نموه ، وتضعف حركته. ولكنّ ذلك لن يجعل من الخبيث قيمة إنسانيّة أو حياتيّة أو طبيعيّة ، ولن يغيّر شيئا مما يحمله الطيّب من قيمة في ميزان الله والحياة ، لأنّ الله ينظر إلى الأشخاص والأشياء من خلال ما فيها من عوامل الخير ومؤثراته ، فيرفض ما كان فيها بعيدا عن الخير ، ويرضى عمّا كان قريبا منه. وتبقى للطيّب في نطاق ذلك قيمته ومكانته ، وتظل للخبيث وضاعته وحقارته ، وهكذا في ما تتمثّله الحياة لنفسها من خير وشر.
* * *
كل حلال طيب وكل حرام خبيث
وإذا كانت القضيّة بهذه المنزلة من الوضوح في ميزان النظرة الإلهيّة إلى الواقع ، فلا بدّ من أن يتحرّك الإنسان من خلالها في علاقته بالأشخاص والأشياء ، فيتخلّص من حالة الانبهار الفكري والشعوري الّتي تسقطه أمام الجانب الكميّ في الحياة ، ليرتبط بالجانب النوعي منه ، ويبادر إلى تأكيد حالة الانتماء للأشخاص والمؤسسات انطلاقا مما تختزنه في داخلها من عناصر الطيبة والخبث ، بعيدا عن طبيعة الحجم ، فلا ينتمي إلّا إلى الطيبين من النّاس ، ولا يتعاون إلّا مع الطيّب من المؤسسات ، في ما يعنيه الطيّب من معنى الفكر والروح والشعور والعمل. وينطلق في حركة الحياة في مجالاته الخاصة ، ليأكل ما كان طيبا ، ويرفض ما كان خبيثا ، ويتكلم الكلمة الطيبة ويعيش لها ، ويرفض الكلمة الخبيثة ويحاربها ، ويستمر في ذلك كلّه ليلتقي الطيب والخبيث مع الحلال والحرام ، لأنّهما يمثّلان ذلك في عمق المعنى وامتداده.