وقفة مع قوله تعالى : (فِيما طَعِمُوا)
وهناك نقطة أخرى جديرة بالبحث ، وهي التعمّق في استنطاق كلمة (فِيما طَعِمُوا) في إلحاقها بالآيات المتقدمة بلحاظ وحدة السياق ، وذلك بأنّ المراد بها الخمر وما شابهه ، بحمل المطعوم على مطلق التغذي ، ولو بالشرب على طريقة (فَمَنْ شَرِبَ مِنْهُ فَلَيْسَ مِنِّي) [البقرة : ٢٤٩] ، أو في اعتبارها حديثا مستقلا يتعلّق بمطلق الطعام ، لأنّ وحدة السياق ليست أمرا يجري مجرى القاعدة في الأسلوب القرآني الّذي درج على التحدّث عن الموضوعات المتعددة بشكل متسلسل دون ارتباط لبعضها بالبعض الآخر ، على طريقة التعدّد الحسابي للأحكام ، أو نحوها. وهذا ممّا يضعف وحدة السياق ، كظهور قرآني في اعتباره دليلا على وحدة الموضوع.
* * *
رأي صاحب الميزان
وقد اختار صاحب تفسير الميزان الرأي الأول في ما يراد من كلمة (فِيما طَعِمُوا) والرأي الثاني في ما يحمله التكرار من تنوّع في المعاني ، على أساس وحدة السياق ، من جهة ، واعتبار التكرار للكلمة الواحدة دليلا على أنّ المتعلّق مختلف فيها ، فقال : فالّذي ينبغي أن يقال : إنّ الآية في معنى الآيات السابقة عليها ، على ما هو ظاهر اتصالها بها ، وهي متعرّضة كحال من ابتلي من المسلمين بشرب الخمر وطعمها ، أو بالطعم لشيء منها ، أو مما اقتناه بالميسر ، أو من ذبيحة الأنصاب ، كأنّهم سألوا بعد نزول التحريم الصريح عن حال من ابتلي بشرب الخمر ، أو بها وبغيرها ، مما ذكره الله تعالى في الآية قبل