وقد جعله الله رجسا من عمل الشيطان؟ فأنزل الله : (لَيْسَ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ جُناحٌ) إلى آخر الآية [المائدة : ٩٣].
وقال النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم : «لو حرم عليهم لتركوه كما تركتم» (١).
* * *
وقفة مع الرّواية
ونلاحظ على هذه الرّواية أنّها تمثّل اجتهادا من الراوي ، لأنّ الآية الأولى أكثر غلظة وشدّة من الآية الثانية ، لأنّ الأولى (إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنْصابُ وَالْأَزْلامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطانِ فَاجْتَنِبُوهُ) تتضمن التأكيد على الإثم الكبير الّذي هو أكبر من النفع الّذي يقصده النّاس منهما ، مما يوحي إليهم بأنّ ذلك يفرض الترك له كما هي سيرة العقلاء وحكم العقل في الامتناع عن كل ما كان ضرره أكثر من نفعه ، بينما الآية الثانية لا تتضمن رفض الخمر وإبعاد النّاس عنه ، بل تؤكد على علاقة السكر بالصّلاة وضرورة اجتنابه في حال الصّلاة.
وهناك ملاحظة أخرى ، وهي أنّ الرّوايات الواردة في مناسبة نزول هذه الآية ، تحدثت عن الخمر وعن مناسبة تحريمها ، في الوقت الّذي نجد فيه الآية تتحدّث عن الخمر والميسر والأنصاب والأزلام ، مما قد يوحي بأنّها نزلت من خلال إيجاد قاعدة تشريعيّة لهذه العادات الجاهليّة على أساس النتائج السلبيّة فيها ، فلا تتناسب مع اختصاص الخمر بمناسبة النزول. والله العالم.
* * *
__________________
(١) الدر المنثور ، ج : ٣ ، ص : ١٥٧.