ماذا نستوحي من هذه الآيات؟
إنَّنا نستوحي من هذه الآيات بضع نقاط :
أولا : الانطلاق من مواقع هذه الآية ، الّتي لم ترد أن تتوقف عند هذه الحادثة ، إلى المواقع المماثلة لها ، وفي ضوء ذلك يمكن لنا أن نرصد هذه النماذج في الكثير من الفئات الّتي لا تقف مع خط الصدق في حياتها وحياة الآخرين ، بل تعمل على ممارسة الكذب في سلوكها وسلوك الآخرين ، فهي تكذب وتستمع للكاذبين ، ولا تتوقف عند حدود الله في حلاله وحرامه ، بل تتجاوزها فتأكل الحرام بطريقة اللّامبالاة أو التمرد. وقد يدفعها هذا الموقف إلى التذبذب والارتباك في المواقف ، فإذا رأت هناك حالة ضاغطة على مصالحها من خلال التطبيق الدقيق لما تؤمن به من شريعة أو تسير عليه من قانون ، انحرفت عنه إلى شريعة أخرى وقانون آخر ، لأنّ القضيّة عندها ليست قضيّة حماية المبادئ من الاهتزاز والانحراف ، بل قضيّة حماية المصالح من الضياع ، مما يجعل حياتها مسرحا لأكثر من شريعة وقانون ، مهما اختلفت قواعدها الفكرية والتشريعيّة ، الأمر الّذي يبعد المجتمع عن الاستقرار والاطمئنان.
ثانيا : وقد نستطيع استيحاء هذه الآيات في التأكيد على قيمة الصدق والالتزام بالحلول ، في الاستقامة على الخط السليم في جانب العقيدة والعمل ، وذلك من خلال ما يفرضه على الإنسان من التوازن والتماسك والاتزان ، ليكون الأساس عنده رضى الله في ما يريده من مصلحة الإنسان العامّة بعيدا عن كل المحاور الشخصيّة والفئويّة ، مما يجعله يواجه الآخرين من خلال هذا الموقع في ما يتحدثون به ، ويدعونه إليه من موقف ، فلا يسمع للكاذبين ، ولا يصغي للخائنين الّذين يحرّفون الكلم عن مواضعه ، ولا ينطلق في عمل أو