ويقيمون كل الدلائل على ذلك. أما إذا كان للكافرين نصيب من الانتصار في المعركة ، جاؤوا إليهم ليؤكدوا لهم أنهم هم الذين ساعدوا على الوصول إلى هذه النتائج ونصروهم على المؤمنين ، بعد أن ملكوا أمر السلطة عليهم ، فلم يمكنوا المؤمنين من الوصول إليهم والتغلب عليهم. وقد أراد الله أن يوحي لهؤلاء بالشعور بهول الموقف الذي ينتظرهم. فإذا كانوا قد استطاعوا اللعب على الألفاظ والمواقف في الحياة الدنيا ، فكيف يكون موقفهم يوم القيامة ، عند ما يقفون غدا مع المؤمنين ، ليكون الله هو الحاكم الذي يحكم بينهم ؛ فأيّ جواب ، وأيّ دفاع في ما لا جواب له ولا دفاع عنه؟! (وَلَنْ يَجْعَلَ اللهُ لِلْكافِرِينَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ سَبِيلاً) وحجة ، لأنهم لا يملكون الحجة على مواقفهم المنحرفة التي يواجهون بها خط الإيمان.
وتلك هي قضية المواقف المرتكزة على قناعات ثابتة أصيلة ، والمواقف المبنية على الهوى والشبهة من دون أساس ، من حيث النتائج الأخروية في موقف الحكم أمام الله ، أو من حيث النتائج الدنيويّة في حركة الواقع في حياة الناس. وقد جاء في كتاب «عيون أخبار الرضا» للصدوق ، بإسناده عن أبي الصلت الهروي عن الرضا عليهالسلام ، في قول الله جل جلاله : (وَلَنْ يَجْعَلَ اللهُ لِلْكافِرِينَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ سَبِيلاً) قال : فإنه يقول : ولن يجعل الله للكافرين على المؤمنين حجة ، ولقد أخبر تعالى عن كفار قتلوا نبيهم بغير الحق ، ومع قتلهم إياهم لم يجعل الله لهم على أنبيائه سبيلا (١).
وفي الدر المنثور : أخرج ابن جرير عن علي عليهالسلام ، (وَلَنْ يَجْعَلَ اللهُ لِلْكافِرِينَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ سَبِيلاً) ، قال : في الآخرة (٢).
وهذا هو ما يقتضيه سياق الآية عن حكم الله بينهم وبين المؤمنين في
__________________
(١) نقلا عن تفسير الميزان ، ج : ٥ ، ص : ١٢٢.
(٢) الدر المنثور ، م : ٢ ، ص : ٧١٨.