الحقيقي أمام الله ؛ وبذلك تتصاغر العواطف والمشاعر لتتحول إلى هواء ودخان ، لتبقى للحياة عناصرها الأساسية الدائمة ... (إِنْ يَكُنْ غَنِيًّا أَوْ فَقِيراً فَاللهُ أَوْلى بِهِما ...) فلا يفكر الإنسان ـ أمام خط العدل ـ أن يشهد لمصلحة الغني لغناه ، أو ضد مصلحته من أجل العقدة الذاتية تجاه الغني ، أو يشهد للفقير على أساس العاطفة التي تتفاعل إنسانيا وعاطفيا مع مظاهر الفقر وآلامه ، مما قد يوحي بالانحراف عن الحق. (فَاللهُ أَوْلى بِهِما) فإن الله هو الذي يتكفل بمصالح عباده برحمته التي تشملهم جميعا ؛ وتلك هي حكمته التي ارتكزت على أساس أن الانحراف عن العدل ، مراعاة لبعض الخصوصيات ، يسيء إلى المستفيدين منه ، في المستقبل أكثر مما ينفعهم ، (فَلا تَتَّبِعُوا الْهَوى أَنْ تَعْدِلُوا) عن الحق ، بل اتبعوا الحق الذي يقودكم إلى العدل. وتلك هي وصية الله التي يجب أن تلتزموا بها (وَإِنْ تَلْوُوا) أي إن تنحرفوا (أَوْ تُعْرِضُوا) عن السير مع وصايا الله وتعليماته ، فستواجهون الموقف الصعب أمامه غدا يوم القيامة ؛ (فَإِنَّ اللهَ كانَ بِما تَعْمَلُونَ خَبِيراً) فلا تحاولوا أن تعتذروا بما لا مجال لقبول العذر فيه ، لأن الله يعلم واقع الأشياء ، إذا كان الناس من حولكم يعلمون ظواهرها من دون النفاذ إلى الأعماق.
* * *