مناسبة النزول
جاء في أسباب النزول ـ للواحدي ـ روى أسباط عن السدي قال : نزلت في النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم اختصم إليه غني وفقير ، وكان ضلعه مع الفقير ، رأى أن الفقير لا يظلم الغني ، فأبى الله تعالى إلا أن يقوم بالقسط في الغني والفقير ، فقال : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ بِالْقِسْطِ) حتى بلغ : (إِنْ يَكُنْ غَنِيًّا أَوْ فَقِيراً فَاللهُ أَوْلى بِهِما) (١).
كما جاء في «تفسير البيان» للطبري حديث مرفوع إلى السدي ، في قوله : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ بِالْقِسْطِ شُهَداءَ لِلَّهِ) قال : نزلت في النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم اختصم إليه رجلان غني وفقير ، وكان ضلعه مع الفقير ، يرى أن الفقير لا يظلم الغنيّ ، فأبى الله إلّا أن يقوم بالقسط في الغني والفقير ، فقال : (إِنْ يَكُنْ غَنِيًّا أَوْ فَقِيراً فَاللهُ أَوْلى بِهِما فَلا تَتَّبِعُوا الْهَوى أَنْ تَعْدِلُوا) (٢).
* * *
ونلاحظ على هاتين الروايتين أنهما لا تتناسبان مع روحية العدالة لدى النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم التي تنطلق من خلال التأكيد على إعطاء صاحب الحق حقه من دون فرق في صفة صاحب الحق ، ولا معنى للقول بأن الفقير ، لا يظلم الغني ، لأن الظلم لا ينطلق دائما من خلال القوة التي لا يملكها الفقير بل قد ينطلق من خلال العقدة التي يحملها الإنسان للإنسان الآخر أو الحسد الذي يوحي إليه بالتمرد عليه من خلال بعض الظروف الملائمة لأوضاعه ، ولذلك ، فلا يمكن نسبة هذا الموقف البعيد عن خط العدل إلى النبيصلىاللهعليهوآلهوسلم ،
__________________
(١) أسباب النزول ، ص : ١٠٣.
(٢) تفسير البيان ، م : ٤ ، ج : ٥ ، ص : ٤٣٣.