أخرى أو غير ذلك من الأسباب ... فكيف تواجه المرأة هذا الموقف؟
من الطبيعي أن الإسلام لم يرخص للرجل في ذلك فقد أراد الله له أن يعاشر زوجته بالمعروف ، ولكنه ـ في الوقت نفسه ـ رخّص له في الطلاق ، عند ما تموت العاطفة في الروح ، ويتبدل الجو الطيّب إلى حالة من النفور. وقد لا تحب الزوجة أن تفارق زوجها ، بسبب بعض المؤثرات الذاتية ، فلها أن تدخل معه بالمفاوضات التي تنتهي إلى الصلح ، وذلك بأن تتنازل له عن بعض حقوقها المالية ، أو عن حق المعاشرة الزوجية ، ليمتنع عن طلاقها وليصلح شأنه معها. وقد أكّدت الآية أن الصلح خير ، لأنه يفسح المجال لحل المشاكل بطريقة سلمية لا تخلّف وراءها مشاكل جديدة ... (وَأُحْضِرَتِ الْأَنْفُسُ الشُّحَ) ، أي البخل ، فإنه من الغرائز الإنسانية التي تكمن في داخل الإنسان فتمنعه من العطاء ، وتحول بينه وبين تقديم التنازلات من أجل الوصول إلى الحلول الوسط في العلاقات الإنسانية ، مما يعقّد الحياة لدى جميع الفرقاء المتنازعين ويحوّلها إلى جحيم ؛ فلا مناص من الصلح الذي يقود الطرفين إلى بعض من الحق ، بدلا من حرمانه منه بأجمعه. وقد ورد في الدر المنثور ، عن علي بن أبي طالب عليهالسلام ، أنه سئل عن هذه الآية فقال : «هو الرجل عنده امرأتان ، فتكون إحداهما قد عجزت أو تكون دميمة ، فيريد فراقها فتصالحه على أن يكون عندها ليلة وعند الأخرى ليالي ولا يفارقها ، فما طابت به نفسها فلا بأس به ؛ فإن رجعت سوّى بينهما» (١) ... وربما كان هذا التفسير من قبيل الحديث عن النموذج ، وليس من قبيل التخصيص ؛ لإمكان أن يكون هناك عدة حالات من هذا القبيل. ثم انطلقت الآية إلى الرجال ـ في ما يوحي به السياق ـ لتدعوهم إلى الإحسان والتقوى ، لئلا تقودهم الحالات النفسية المعقدة إلى الانحراف عن خط الله
__________________
(١) تفسير الميزان ، ج : ٥ ، ص : ١٠٨.