غيره ، لأنهن لا يشاركن في تنمية المال أو تحصيله ، ولا يدافعن عن العشيرة ... وجاء الإسلام بقانون الإرث وغيره من القوانين المتعلقة بحقوقهن ، مما تعرضت له هذه السورة في أوائلها وغيرها ، كما في سورة البقرة وأمثالها ؛ وقد تكون هذه الآية سابقة على تلك الآيات ، فتكون بمثابة دعوة واستفتاء لم يبيّنه الله فيها ؛ وربما كانت متأخرة عنها ، فتكون سؤالا عن الموضوع بعد أن ثار الجدل حوله ، لاختلافه مع ما اعتادوه من عاداتهم وشرائعهم ؛ فجاءت هذه الآية لتؤكد تلك الأحكام ، باعتبار أن الفتيا فيها من الله سبحانه. وكلا الوجهين محتملان ، وإن كان الوجه الأول أقرب إلى مضمون كلمة الاستفتاء ، التي تعني الفتيا في أمر لم يسبق لهم معرفة حكمه ؛ ولكن بعض الروايات الواردة في التفاسير قد ترجّح الوجه الثاني ؛ فقد ورد في تفسير الميزان حديث مرفوع إلى سعيد بن جبير قال : كان لا يرث إلا الرجل الذي بلغ أن يقوم بالمال ويعمل فيه ، لا يرث الصغير ولا المرأة شيئا ، فلما نزلت المواريث في سورة النساء ، شق ذلك على الناس وقالوا : أيرث الصغير الذي لا يقوم في المال ، والمرأة التي هي كذلك ، فيرثان كما يرث الرجل؟ فرجوا أن يأتي في ذلك حدث من السماء ، فانتظروا ، فلما رأوا أنه لا يأتي حدث قالوا : لئن تمّ هذا ، إنه لواجب ما عنه بدّ ، ثم قالوا : سلوا ، فسألوا النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم ، فأنزل الله : (وَيَسْتَفْتُونَكَ فِي النِّساءِ قُلِ اللهُ يُفْتِيكُمْ فِيهِنَّ وَما يُتْلى عَلَيْكُمْ فِي الْكِتابِ) ـ في أول السورة ـ (فِي يَتامَى النِّساءِ اللَّاتِي لا تُؤْتُونَهُنَّ ما كُتِبَ لَهُنَّ وَتَرْغَبُونَ أَنْ تَنْكِحُوهُنَ) ... الحديث» (١).
(وَما يُتْلى عَلَيْكُمْ فِي الْكِتابِ) ربما كانت هذه الفقرة معطوفة على الضمير في كلمة (فِيهِنَ) ، باعتبار أن الفتيا شاملة لما سألوا عنه ولما لم يسألوا عنه في ما يتعلق بالفئات التي قد يحتاج الناس إلى معرفة حكمها من
__________________
(١) تفسير الميزان ، ج : ٥ ، ص : ١٠٦ ـ ١٠٧.