الآية
(وَلِلَّهِ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ وَكانَ اللهُ بِكُلِّ شَيْءٍ مُحِيطاً) (١٢٦)
* * *
الله هو المالك المطلق
إنك إذا أسلمت وجهك لله ، فإنك لا تسلمه إلى قوة محدودة في قدرتها وامتدادها وعظمتها ، لتشعر بالتضاؤل والانسحاق والحرج في ذلك كله ، كما يشعر الكثيرون ممّن يرتبطون بالأشخاص الذين يملكون طاقة محدودة أمام الكون ؛ ولكنك تسلّم وجهك وحياتك إلى مالك السموات والأرض وما فيهن ... فأنت عند ما تستسلّم له ، فإنك لا تستسلّم له وحدك بل تحس بالكون كله في جميع ما يحتويه من مخلوقات حية وجامدة ، خاضعا مستسلما لسيطرته المطلقة ؛ وبذلك يتعاظم شعورك بموقعك القوي الحر أمام القوى الكونية الأخرى ، لأنك ليست ظلا لها ولست مسحوقا أمامها ، بل أنت وهي ظل للإرادة الإلهية المهيمنة على الكون كله ، التي جعلت لكل واحد من الموجودات موقفا محددا في دوره وحركته ، فهو مالك كل شيء ، وهو المحيط بكل شيء ، فلا يخفى عليه شيء في السموات والأرض. (أَلا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ) [الملك : ١٤] ، وبذلك يتعمق لدى الإنسان الإحساس بالرعاية الدائمة ، من خلال إيمانه بالإحاطة المطلقة التي تحتوي كل شيء في علمها كما تحتويه في قدرتها ، وبذلك لا تكون العبودية والاستسلام لله عنصر ضعف في الذات ، بل هي عنصر قوة وحرية وتوازن.
* * *