لا يجوز لعن البهائم ولا من ليس بعاقل من المجانين والأطفال لأنه سؤال العقوبة لمن لا يستحقها ، فمن لعن بهيمة أو حشرة أو نحو ذلك فقد أخطأ لأنه سأل الله تعالى ما لا يجوز في حكمته فإن قصد بذلك الإبعاد على وجه العقوبة جاز ، كما جاء في مجمع البيان (١).
* * *
مناسبة النزول
جاء في أسباب النزول ـ للواحدي ـ بإسناده عن عكرمة قال : جاء حيّي بن أخطب وكعب بن الأشرف إلى أهل مكة ، فقالا لهم : أنتم أهل الكتاب وأهل العلم القديم ، فأخبرونا عنا وعن محمد ، فقالا : ما أنتم وما محمد؟ قالوا : نحن ننحر الكوماء ، ونسقي اللبن على الماء ، ونفك العاني ، ونصل الأرحام ، ونسقي الحجيج ، وديننا القديم ودين محمد الحديث ، قالا : بل أنتم خير منه وأهدى سبيلا ، فأنزل الله تعالى (أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ أُوتُوا نَصِيباً مِنَ الْكِتابِ) إلى قوله تعالى : (وَمَنْ يَلْعَنِ اللهُ فَلَنْ تَجِدَ لَهُ نَصِيراً).
وقال المفسرون : خرج كعب بن الأشرف في سبعين راكبا من اليهود إلى مكة بعد وقعة أحد ليحالفوا قريشا على غدر رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم وينقضوا العهد الذي كان بينهم وبين رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ، فنزل كعب على أبي سفيان ونزلت اليهود في دور قريش ، فقال أهل مكة : إنكم أهل كتاب ، ومحمد صاحب كتاب ، ولا نأمن أن يكون هذا مكرا منكم ، فإن أردت أن نخرج معك فاسجد لهذين الصنمين وآمن بهما ، فذلك قوله : (يُؤْمِنُونَ بِالْجِبْتِ وَالطَّاغُوتِ) ، ثم قال كعب لأهل مكة : ليجيء منكم ثلاثون ومنا ثلاثون ، فنلزق أكبادنا بالكعبة ، فنعاهد رب البيت لنجهدن على قتال محمد ، ففعلوا ذلك ، فلما فرغوا قال أبو سفيان لكعب : إنك امرؤ تقرأ الكتاب وتعلم ،
__________________
(١) م. س ، ج : ٣ ، ص ٩٢.