الضعف عن مقاومة إغراء الانحراف ، لأن الرق قد يترك تأثيره على نفسية الفتاة ، فيقلل من حصانتها الأخلاقية بفعل هذا التداول بين المالكين بعيدا عن علاقة الزواج ، مما يجعل من قيود الزواج حالة طارئة في حياتهن ، الأمر الذي يؤدي إلى التخفيف في العقوبة من حيث التشريع (ذلِكَ لِمَنْ خَشِيَ الْعَنَتَ مِنْكُمْ) فلم يغلق عنهم باب التعفف بالزواج بالإماء ليضطرهم إلى الزنى الذي فيه هلاكهم ، (وَأَنْ تَصْبِرُوا خَيْرٌ لَكُمْ) ربما يكون المراد بها الامتناع عن الزواج بالإماء وتحمل الحرمان الجنسي عند العجز عن نكاح الحرائر ، لأن هناك أكثر من مشكلة تحيط بالزواج بالإماء اللاتي لم يزلن باقيات على ملك أهلهن ، مما قد يسيء إلى طبيعة ثبات الحياة الزوجية واستقرارها ، وربما يكون المراد به الصبر عن الزنى بالتأكيد على إشباع الغريزة بالزواج أو بالتقوى المانعة عن ذلك عند عدم توفر الزواج ، وربما يكون المراد به تربية ملكة الصبر الذي هو القيمة الأخلاقية التي تمنع الإنسان من الانحراف في كل مواقع حياته في حالة الاهتزاز (وَاللهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ) فهو الذي يغفر لعباده كل الآثار السيئة الطارئة في نفوس المؤمنين ويرحم المتقين الذين (إِذا مَسَّهُمْ طائِفٌ مِنَ الشَّيْطانِ تَذَكَّرُوا فَإِذا هُمْ مُبْصِرُونَ) ، والله العالم بحقائق آياته.
* * *
في هذه الآية حديث عن زواج الحر بالأمة ؛ فإذا لم يجد الإنسان القدرة من مال أو غيره على زواج المحصنة وهي الحرة ، لما يترتب على ذلك من تكاليف وإمكانات لا يملكها ، فبإمكانه أن يتزوج من الإماء اللاتي عبّرت عنهن ب «الفتيات المؤمنات» ؛ ولا يلجأ إلى الانحراف عن الشرع ، بحجة الحالة الصعبة التي يواجهها في نداء الغريزة. وعلى الإنسان المؤمن أن يعتبر الإيمان ادعا له عن الاستنكاف والتكبّر ، في ما يتعارف عليه المجتمع من العيب في الارتباط الزوجي بالإماء ، فإن الإيمان الذي تتصف به هذه