فيه الابتلاء لاتصاله بحياة الناس بشكل عام. ولذلك فلا بد من الرجوع إلى القرآن لتحديد صاحب الحصة الأخرى ، وليس هناك إلا آية (وَأُولُوا الْأَرْحامِ بَعْضُهُمْ أَوْلى بِبَعْضٍ فِي كِتابِ اللهِ).
وهناك ملاحظة أخرى في إضعاف حجة أهل السنة ، وهي أن أصحاب المذاهب الأربعة ـ الحنفية والمالكية والحنابلة والشافعية ـ قد اتفقوا على أن الميت إذا ترك أبا وبنتا ، كان للأب السدس بالفرض ، وللبنت النصف بالفرض أيضا ، والباقي يرد على الأب وحده مع أنه من أصحاب الفروض بمقتضى الآية (وَلِأَبَوَيْهِ لِكُلِّ واحِدٍ مِنْهُمَا السُّدُسُ مِمَّا تَرَكَ إِنْ كانَ لَهُ وَلَدٌ) فإذا كان الفرض لا يمنع من رد الباقي على الأب ـ كما يدعون ـ فينبغي أن لا يمنع من الرد على البنت.
وقد ذهب الحنفية والحنابلة إلى أن الميت إذا ترك أمّا وليس معها واحد من أصحاب الفروض والعصبات تأخذ التركة كلها الثلث بالفرض والثلثين بالرد ، مع العلم أن الله يقول : (فَلِأُمِّهِ الثُّلُثُ). فإذا جاز للأم أن تأخذ التركة كلها مع قوله تعالى (فَلِأُمِّهِ الثُّلُثُ) جاز أيضا للبنت أن تأخذ التركة كلها ، وكذلك البنات مع قوله تعالى : (فَلَهُنَّ ثُلُثا ما تَرَكَ وَإِنْ كانَتْ واحِدَةً فَلَهَا النِّصْفُ).
وخلاصة الفكرة أن فقهاء السنة لم يعتمدوا إلّا على رواية طاوس اليماني التي لا تثبت أمام النقد الحديثي ، فلا يعود لهم حجة على التعصيب. كما أشرنا إليه ، وتمام الكلام موكول إلى الفقه.
٣ ـ (وَإِنْ كانَتْ واحِدَةً فَلَهَا النِّصْفُ ...) اتفق المسلمون على أن حصة البنت الواحدة بالفرض هي النصف ؛ أما النصف الآخر ، فلم يتحدث عنه القرآن بصراحة ، كما لم يتحدث عن الثلث الباقي بعد أخذ حصة البنتين أو البنات وقد اختلف رأي الشيعة الإمامية مع رأي أهل السنة ، فذهب فقهاء