(وَإِذْ صَرَفْنا إِلَيْكَ نَفَراً مِنَ الْجِنِّ يَسْتَمِعُونَ الْقُرْآنَ فَلَمَّا حَضَرُوهُ قالُوا أَنْصِتُوا فَلَمَّا قُضِيَ وَلَّوْا إِلى قَوْمِهِمْ مُنْذِرِينَ (٢٩) قالُوا يا قَوْمَنا إِنَّا سَمِعْنا كِتاباً أُنْزِلَ مِنْ بَعْدِ مُوسى مُصَدِّقاً لِما بَيْنَ يَدَيْهِ يَهْدِي إِلَى الْحَقِّ وَإِلى طَرِيقٍ مُسْتَقِيمٍ) (٣٠)
____________________________________
إفكهم أى وأثر افترائهم على الله أو أثر ما كانوا يفترونه عليه تعالى وقرىء وذلك إفك مما كانوا يفترون أى بعض ما كانوا يفترون من الإفك (وَإِذْ صَرَفْنا إِلَيْكَ نَفَراً مِنَ الْجِنِّ) أملناهم إليك وأقبلنا* بهم نحوك وقرىء صرفنا بالتشديد للتكثير لأنهم جماعة وهو السر فى جمع الضمير فى قوله تعالى (يَسْتَمِعُونَ الْقُرْآنَ) وما بعده وهو حال مقدرة من نفرا لتخصصه بالصفة أو صفة أخرى له أى واذكر لقومك* وقت صرفنا إليك نفرا كائنا من الجن مقدرا استماعهم القرآن (فَلَمَّا حَضَرُوهُ) أى القرآن عند تلاوته* أو الرسول عند تلاوته له على الالتفات والأول هو الأظهر (قالُوا) أى قال بعضهم لبعض (أَنْصِتُوا) * أى استكنوا لنسمعه (فَلَمَّا قُضِيَ) أتم وفرغ عن تلاوته وقرىء على البناء للفاعل وهو ضمير الرسول* عليه الصلاة والسلام وهذا يؤيد ضمير حضروه إليه عليه الصلاة والسلام (وَلَّوْا إِلى قَوْمِهِمْ مُنْذِرِينَ) مقدرين إنذارهم عند رجوعهم إليهم. روى أن الجن كانت تسترق السمع فلما حرست السماء ورجموا بالشهب قالوا ما هذا إلا لنبأ حدث فنهض سبعة نفر أو ستة نفر من أشراف جن نصيبين أو نينوى منهم زوبعة فضربوا حتى بلغوا تهامة ثم اندفعوا إلى وادى نخلة فوافوا رسول الله صلىاللهعليهوسلم وهو قائم فى جوف الليل يصلى أو فى صلاة الفجر فاستمعوا لقراءته وذلك عند منصرفه من الطائف وعن سعيد بن جبير ما قرأ رسول الله صلىاللهعليهوسلم على الجن ولا رآهم وإنما كان يتلو فى صلاته فمروا به فوقفوا مستمعين وهو لا يشعر بهم فأنبأه الله تعالى باستماعهم وقيل بل أمره الله تعالى أن ينذر الجن ويقرأ عليهم فصرف إليه نفرا منهم جمعهم له فقال عليه الصلاة والسلام إنى أمرت أن أقرأ على الجن الليلة فمن يتبعنى قالها ثلاثا فأطرقوا إلا عبد الله بن مسعود رضى الله عنه قال فانطلقنا حتى إذا كنا بأعلى مكة فى شعب الجحون خط لى خطا فقال لا تخرج منه حتى أعود إليك ثم افتتح القرآن وسمعت لغطا شديدا حتى خفت على رسول الله صلىاللهعليهوسلم وغشيته أسودة كثيرة حالت بينى وبينه حتى ما أسمع صوته عليه الصلاة والسلام ثم انقطعوا كقطع السحاب فقال لى رسول الله صلىاللهعليهوسلم هل رأيت شيئا قلت نعم رجالا سودا مستشعرى ثياب بيض فقال أولئك جن نصيبين وكانوا إثنى عشر ألفا والسورة التى قرأها عليهم (اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ) (قالُوا) أى عند رجوعهم إلى قومهم (يا قَوْمَنا إِنَّا سَمِعْنا كِتاباً أُنْزِلَ مِنْ بَعْدِ مُوسى) قيل قالوه لأنهم كانوا على اليهودية وعن ابن عباس رضى الله عنهما* أن الجن لم تكن سمعت بأمر عيسى عليهالسلام (مُصَدِّقاً لِما بَيْنَ يَدَيْهِ) أرادوا به التوراة (يَهْدِي إِلَى الْحَقِّ) من العقائد الصحيحة (وَإِلى طَرِيقٍ مُسْتَقِيمٍ) موصل إليه وهو الشرائع والأعمال الصالحة