(فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيامُ شَهْرَيْنِ مُتَتابِعَيْنِ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَتَمَاسَّا فَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَإِطْعامُ سِتِّينَ مِسْكِيناً ذلِكَ لِتُؤْمِنُوا بِاللهِ وَرَسُولِهِ وَتِلْكَ حُدُودُ اللهِ وَلِلْكافِرِينَ عَذابٌ أَلِيمٌ (٤) إِنَّ الَّذِينَ يُحَادُّونَ اللهَ وَرَسُولَهُ كُبِتُوا كَما كُبِتَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَقَدْ أَنْزَلْنا آياتٍ بَيِّناتٍ وَلِلْكافِرِينَ عَذابٌ مُهِينٌ) (٥)
____________________________________
رقبة (مِنْ قَبْلِ أَنْ يَتَمَاسَّا) أى من قبل أن يستمتع كل من المظاهر والمظاهر منها بالآخر جماعا ولمسا* ونظرا إلى الفرج بشهوة وإن وقع شىء من ذلك قبل التكفير يجب عليه أن يستغفر ولا يعود حتى يكفر وإن أعتق بعض الرقبة ثم مس عليه أن يستأنف عند أبى حنيفة رحمهالله تعالى (ذلِكُمْ) إشارة* إلى الحكم المذكور وهو مبتدأ خبره (تُوعَظُونَ بِهِ) أى تزجرون به عن ارتكاب المنكر المذكور* فإن الغرامات مزاجر عن تعاطى الجنايات والمراد بذكره بيان أن المقصود من شرع هذا الحكم ليس تعريضكم للثواب بمباشرتكم لتحرير الرقبة الذى هو علم فى استتباع الثواب العظيم بل هو ردعكم وزجركم عن مباشرة ما يوجبه (وَاللهُ بِما تَعْمَلُونَ) من الأعمال التى من جملتها التكفير وما يوجبه من* جناية الظهار (خَبِيرٌ) أى عالم بظواهرها وبواطنها ومجازيكم بها فحافظوا على حدود ما شرع لكم ولا* تخلوا بشىء منها (فَمَنْ لَمْ يَجِدْ) أى الرقبة (فَصِيامُ شَهْرَيْنِ) أى فعليه صيام شهرين (مُتَتابِعَيْنِ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَتَمَاسَّا) ليلا أو نهارا عمادا أو خطأ (فَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ) أى الصيام لسبب من الأسباب (فَإِطْعامُ سِتِّينَ مِسْكِيناً) لكل مسكين نصف صاع من بر أو صاع من غيره ويجب تقديمه على المسيس لكن لا يستأنف إن مس فى خلال الإطعام (ذلِكَ) إشارة إلى ما مر من البيان والتعليم للأحكام والتنبيه عليها وما فيه* من معنى البعد قد مر سره مرارا ومحله إما الرفع على الابتداء أو النصب بمضمر معلل بما بعده أى ذلك واقع أو فعلنا ذلك (لِتُؤْمِنُوا بِاللهِ وَرَسُولِهِ) وتعملوا بشرائعه التى شرعها لكم وترفضوا ما كنتم عليه* فى جاهليتكم (وَتِلْكَ) إشارة إلى الأحكام المذكورة وما فيه من معنى البعد لتعظيمها كما مر غير مرة* (حُدُودُ اللهِ) التى لا يجوز تعديها (وَلِلْكافِرِينَ) أى الذين لا يعملون بها (عَذابٌ أَلِيمٌ) عبر عنه بذلك* للتغليظ على طريقة قوله تعالى (وَمَنْ كَفَرَ فَإِنَّ اللهَ غَنِيٌّ عَنِ الْعالَمِينَ) (إِنَّ الَّذِينَ يُحَادُّونَ اللهَ وَرَسُولَهُ) أى يعادونهما ويشاقونهما فإن كلا من المتعاديين كما أنه يكون فى عدوة وشق غير عدوة الآخر وشقه كذلك يكون فى حد غير حد الآخر غير أن لورود المحادة فى أثناء ذكر حدود الله دون المعاداة والمشاقة من حسن الموقع ما لا غاية وراءه (كُبِتُوا) أى أخزوا وقيل خذلوا وقيل أذلوا وقيل أهلكوا وقيل* لعنوا وقيل غيظوا وهو ما وقع يوم الخندق قالوا معنى كبتوا سيكبتون على طريقة قوله تعالى (أَتى أَمْرُ اللهِ) وقيل أصل الكبت الكب (كَما كُبِتَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ) من كفار الأمم الماضية المعادين للرسل عليهم*