(وَلَقَدْ جاءَهُمْ مِنَ الْأَنْباءِ ما فِيهِ مُزْدَجَرٌ (٤) حِكْمَةٌ بالِغَةٌ فَما تُغْنِ النُّذُرُ (٥) فَتَوَلَّ عَنْهُمْ يَوْمَ يَدْعُ الدَّاعِ إِلى شَيْءٍ نُكُرٍ (٦) خُشَّعاً أَبْصارُهُمْ يَخْرُجُونَ مِنَ الْأَجْداثِ كَأَنَّهُمْ جَرادٌ مُنْتَشِرٌ (٧) مُهْطِعِينَ إِلَى الدَّاعِ يَقُولُ الْكافِرُونَ هذا يَوْمٌ عَسِرٌ (٨) كَذَّبَتْ قَبْلَهُمْ قَوْمُ نُوحٍ فَكَذَّبُوا عَبْدَنا وَقالُوا مَجْنُونٌ وَازْدُجِرَ) (٩)
____________________________________
وبالكسر والجر على أنه صفة أمر وكل عطف على الساعة أى اقتربت الساعة وكل أمر مستقر (وَلَقَدْ جاءَهُمْ) أى فى القرآن وقوله تعالى (مِنَ الْأَنْباءِ) أى أنباء القرون الخالية أو أنباء الآخرة متعلق بمحذوف* هو حال مما بعده أى وبالله لقد جاءهم كائنا من الأنباء (ما فِيهِ مُزْدَجَرٌ) أى ازدجار من تعذيب أو وعيد أو موضع ازدجار على أن تجريدية والمعنى أنه فى نفسه موضع ازدجار وتاء الافتعال تقلب دالا مع الدال والذال والزاى للتناسب وقرىء مزجر بقلبها زاء وإدغامها (حِكْمَةٌ بالِغَةٌ) غايتها لا خلل فيها وهى بدل ما أو خبر لمحذوف وقرىء بالنصب حالا منها فإنها موصولة أو موصوفة تخصصت بصفتها فساغ* نصب الحال عنها (فَما تُغْنِ النُّذُرُ) نفى للإغناء أو إنكار له والفاء لترتيب عدم الإغناء على مجىء الحكمة البالغة مع كونه مظنة للإغناء وصيغة المضارع للدلالة على تجدد عدم الإغناء واستمراره حسب تجدد مجىء الزواجر واستمراره وما على الوجه الثانى منصوبة أى فأى إغناء تغنى النذر وهو جمع نذير بمعنى المنذر أو مصدر بمعنى الإنذار (فَتَوَلَّ عَنْهُمْ) لعلمك بأن الإنذار لا يؤثر فيهم البتة (يَوْمَ يَدْعُ الدَّاعِ) منصوب بيخرجون أو باذكر والداعى إسرافيل عليهالسلام ويجوز أن يكون الدعاء فيه كالأمر فى* قوله تعالى (كُنْ فَيَكُونُ) وإسقاط الياء للاكتفاء بالكسر تخفيفا (إِلى شَيْءٍ نُكُرٍ) أى منكر فظيع تنكره النفوس لعدم العهد بمثله وهو هول القيامة وقرىء نكر بالتخفيف ونكر بمعنى أنكر (خُشَّعاً أَبْصارُهُمْ) * حال من فاعل (يَخْرُجُونَ) والتقديم لأن العامل متصرف أى يخرجون (مِنَ الْأَجْداثِ) أذلة أبصارهم من شدة الهول وقرىء خاشعا والإفراد والتذكير لأن فاعله ظاهر غير حقيقى التأنيث وقرىء خاشعة* على الأصل وقرىء خشع أبصارهم على الابتداء والخبر على أن الجملة حال (كَأَنَّهُمْ جَرادٌ مُنْتَشِرٌ) فى الكثرة والتموج والتفرق فى الأقطار (مُهْطِعِينَ إِلَى الدَّاعِ) مسرعين مادى أعناقهم إليه أو ناظرين* إليه (يَقُولُ الْكافِرُونَ) استئناف وقع جوابا عما نشأ من وصف اليوم والأهوال وأهله بسوء الحال* كأنه قيل فماذا يكون حينئذ فقيل يقول الكافرون (هذا يَوْمٌ عَسِرٌ) أى صعب شديد وفى إسناد القول المذكور إلى الكفار تلويح بأن المؤمنين ليسوا فى تلك المرتبة من الشدة (كَذَّبَتْ قَبْلَهُمْ قَوْمُ نُوحٍ) شروع