(لا يَأْتِيهِ الْباطِلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَلا مِنْ خَلْفِهِ تَنْزِيلٌ مِنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ (٤٢) ما يُقالُ لَكَ إِلاَّ ما قَدْ قِيلَ لِلرُّسُلِ مِنْ قَبْلِكَ إِنَّ رَبَّكَ لَذُو مَغْفِرَةٍ وَذُو عِقابٍ أَلِيمٍ (٤٣) وَلَوْ جَعَلْناهُ قُرْآناً أَعْجَمِيًّا لَقالُوا لَوْ لا فُصِّلَتْ آياتُهُءَ أَعْجَمِيٌّ وَعَرَبِيٌّ قُلْ هُوَ لِلَّذِينَ آمَنُوا هُدىً وَشِفاءٌ وَالَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ فِي آذانِهِمْ وَقْرٌ وَهُوَ عَلَيْهِمْ عَمًى أُولئِكَ يُنادَوْنَ مِنْ مَكانٍ بَعِيدٍ) (٤٤)
____________________________________
شناعة الكفر به وقوله تعالى (لا يَأْتِيهِ الْباطِلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَلا مِنْ خَلْفِهِ) أى لا يتطرق إليه الباطل من جهة من الجهات صفة أخرى لكتاب وقوله تعالى (تَنْزِيلٌ مِنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ) خبر لمبتدأ محذوف أو صفة أخرى لكتاب مفيدة لفخامته الإضافية كما أن الصفتين السابقتين مفيدتان لفخامته الذاتية وقوله تعالى (لا يَأْتِيهِ) الخ اعتراض عند من لا يجوز تقديم غير الصريحمن الصفات على الصريح كل ذلك لتأكيد بطلان الكفر بالقرآن وقوله تعالى (ما يُقالُ لَكَ) الخ تسلية لرسول الله صلىاللهعليهوسلم عما يصيبه من أذية الكفار أى ما يقال فى شأنك وشأن ما أنزل إليك من القرآن من جهة كفار قومك (إِلَّا ما قَدْ قِيلَ لِلرُّسُلِ مِنْ قَبْلِكَ) أى إلا مثل ما قد قيل فى حقهم مما لا خير فيه (إِنَّ رَبَّكَ لَذُو مَغْفِرَةٍ) لأنبيائه (وَذُو عِقابٍ أَلِيمٍ) لأعدائهم وقد نصر من قبلك من الرسل وانتقم من أعدائهم وسيفعل مثل ذلك بك وبأعدائك أيضا (وَلَوْ جَعَلْناهُ قُرْآناً أَعْجَمِيًّا) جواب لقولهم هلا أنزل القرآن بلغة العجم والضمير للذكر (لَقالُوا لَوْ لا فُصِّلَتْ آياتُهُ) أى بينت بلسان نفقهه وقوله تعالى (ءَ أَعْجَمِيٌّ وَعَرَبِيٌّ) إنكار مقرر للتحضيض والأعجمى يقال لكلام لا يفهم وللمتكلم به والياء للمبالغة فى الوصف كأحمرى والمعنى أكلام أعجمى ورسول أو مرسل إليه عربى على أن الإفراد مع كون المرسل إليهم أمة جمة لما أن المراد بيان التنافى والتنافر بين الكلام وبين المخاطب به لا بيان كون المخاطب واحدا أو جمعا وقرىء أعجمى أى أكلام منسوب إلى أمة العجم وقرىء أعجمى على الإخبار بأن القرآن أعجمى والمتكلم والمخاطب عربى ويجوز أن يراد هلا فصلت آياته فجعل بعضها أعجميا لإفهام العجم وبعضها عربيا لإفهام العرب* وأياما كان فالمقصود بيان أن آيات الله تعالى على أى وجه جاءتهم وجدوا فيها متعنتا يتعللون به (قُلْ هُوَ لِلَّذِينَ آمَنُوا هُدىً) يهديهم إلى الحق (وَشِفاءٌ) لما فى الصدور من شك وشبهة (وَالَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ) مبتدأ خبره (فِي آذانِهِمْ وَقْرٌ) على أن التقدير هو أى القرآن فى آذانهم وقر على أن وقر خبر للضمير المقدر وفى آذانهم متعلق بمحذوف وقع حالا من وقر وهو أوفق لقوله تعالى (وَهُوَ عَلَيْهِمْ عَمًى) وقيل خبر الموصول فى آذانهم ووقر فاعل الظرف وقيل وقر مبتدأ والظرف خبره والجملة خبر للموصول وقيل التقدير والذين لا يؤمنون فى آذانهم منه وقر ومن جوز العطف على عاملين عطف الموصول على الموصول الأول أى هو للأولين هدى وشفاء وللآخرين وقر فى آذانهم (أُولئِكَ) إشارة إلى