(فَأَوْحى إِلى عَبْدِهِ ما أَوْحى (١٠) ما كَذَبَ الْفُؤادُ ما رَأى (١١) أَفَتُمارُونَهُ عَلى ما يَرى(١٢) وَلَقَدْ رَآهُ نَزْلَةً أُخْرى (١٣) عِنْدَ سِدْرَةِ الْمُنْتَهى) (١٤)
____________________________________
* المقدار وقيل فكان جبريل عليهالسلام كما فى قولك هو منى معقد الإزار (أَوْ أَدْنى) أى على تقديركم كما فى قوله تعالى (أَوْ يَزِيدُونَ) والمراد تمثيل ملكة الاتصال وتحقق استماعه لما أوحى إليه بنفى البعد الملبس (فَأَوْحى) أى جبريل عليهالسلام (إِلى عَبْدِهِ) عبد الله تعالى وإضماره قبل الذكر لغاية ظهوره* كما فى قوله تعالى (ما تَرَكَ عَلى ظَهْرِها) (ما أَوْحى) أى من الأمور العظيمة التى لا تفى بها العبارة أو فأوحى الله تعالى حينئذ بواسطة جبريل ما أوحى قيل أوحى إليه أن الجنة محرمة على الأنبياء حتى تدخلها وعلى الأمم حتى تدخلها أمتك (ما كَذَبَ الْفُؤادُ) أى فؤاد محمد عليه الصلاة والسلام (ما رَأى) أى ما رآه ببصره من صورة جبريل عليهماالسلام أى ما قال فؤاده لما رآه لم أعرفك ولو قال ذلك لكان كاذبا لأنه عرفه بقلبه كما رآه ببصره وقرىء ما كذب أى صدقه ولم يشك أنه جبريل بصورته (أَفَتُمارُونَهُ عَلى ما يَرى) أى أتكذبونه فتجادلونه على ما يراه معاينة أو أبعد ما ذكر من أحواله المنافية للمماراة تمارونه من المراء وهو الملاحاة والمجادلة واشتقاقه من مرى الناقة كأن كلا من المتجادلين يمرى ما عند صاحبه وقرىء أفتمرونه أى أفتغلبونه فى المراء من ماريته فمريته ولما فيه من معنى الغلبة عدى بعلى كما يقال غلبته على كذا وقيل أفتمرونه أفتجحدونه من مراه حقه إذا جحده (وَلَقَدْ رَآهُ نَزْلَةً أُخْرى) أى وبالله لقد رآى جبريل فى صورته مرة أخرى من النزول نصبت النزلة نصب الظرف الذى هو مرة لأن الفعلة اسم للمرة من الفعل فكانت فى حكمها وقيل تقديره ولقد رآه نازلا نزلة أخرى فنصبها على المصدر (عِنْدَ سِدْرَةِ الْمُنْتَهى) هى شجرة نبق فى السماء السابعة عن يمين العرش ثمرها كقلال هجر وورقها كأذان الفيول تنبع من أصلها الأنهار التى ذكرها الله تعالى فى كتابه يسير الراكب فى ظلها سبعين عاما لا يقطعها والمنتهى موضع الانتهاء أو الانتهاء كأنها فى منتهى الجنة وقيل إليها ينتهى علم الخلائق وأعمالهم ولا يعلم أحد ما وراءها وقيل ينتهى إليها أرواح الشهداء وقيل ينتهى إليها ما يهبط من فوقها ويصعد من تحتها قيل إضافة السدرة إلى المنتهى إما إضافة الشىء إلى مكانه كقولك أشجار البستان أو إضافة المحل إلى الحال كقولك كتاب الفقه والتقدير سدرة عندها منتهى علوم الخلائق أو إضافة الملك إلى المالك على حذف الجار والمجرور أى سدرة المنتهى إليه وهو الله عزوجل قال تعالى (إِلى رَبِّكَ الْمُنْتَهى).