إنّ في حديث مسلم عليه السلام الكثير من العِبَر :
فكلام الباهليّ ، يعبّر عن كونه مثقّفاً يتكلّم عن معانٍ مثل : الحقّ ، ونصح الاُمّة ، ونصح الإمام والسمع والطاعة! وهذه المعاني قد لا يعرفها الكثير من الناس ، ولكن الباهلي يدّعي أنّه يملكها ويلتزم بها.
لكنْ موقفه من مسلم ، ومن منعه لشربة ماءٍ ، وكلامه القاسي ، تدلّ جميعها على كذب دعواه ، وأنّ ما يقوله مجرّد لقلقة لسان.
ثمّ إنّ مُسلماً عليه السلام تمكّن من كشف حقيقته بمنعه الماء ، وأنّه لا يتمتّع بشيء من الإنسانية فضلاً عن الشرف والاعتقاد ، بل أعلن عن جفاه وقسوته وفظاظته وغلظته ، وهي صفات لا تناسب المسلم الّذي يخاف الله ، ويعرف الحقّ ويريد النصح للاُمّة ، كيف وهو يمنع الماء من شخص عطشان يطلبه ، وهو أسير جريح!
ولعلّ هذا هو السبب في إقدام غيره على تقديم الماء له.
والأمر المهمّ أنّ مسلماً عليه السلام ، وفي تلك الحالة من انشقاق الشفة العُليا ، وكسر الأسنان يعلمُ بوضوح أنّه لا يستطيع من شرب الماء الخالي من الدم ، وكيف يكون الماء نقيّاً طاهراً في تلك الحال؟ فلم يكن ما قام به مسلم عليه السلام من طلب الماء ، إلاّ تمثيلاً رائعاً ، ليكشف عن حقيقة أُولئك الأجلاف من جلاوزة بني أُميّة! الّذين أسروه واحتوشوه بعد أن أمّنوه ، فغدروا به.
وفي حديثه عبرةٌ أُخرى ، وهي : أنّه عليه السلام قضى عطشاً ، ليواسيَ سيّدهُ الحسين عليه السلام وأصحابه الّذين سيلتحقون به في كربلاء ويقضون عطاشي ،