وهو قد تهيَّأَ لاستقبالهم بالماء ، مِنْ سابِقٍ ، حيث أمر فتيانه بحمل الماء بإكثار في منطقة «شراف».
ومن كرامته وعظمته أنّه ـ قبل أن يُواجههم بكلام ـ أمر فتيانه بسقيهم وإروائهم من الماء ، وفي هذه الجملة دلالة أُخرى ، فإنّ جملة : «اسقوا القوم» كانت ذات دلالة كافية على المقصود ، لكنَّ الإمام أكّدها بجملة : «وأرووهم» التي هي أوضح في الدلالة على أنْ يرتووا ، وليس الريّ إلاّ من الماء! لكنّ الإمام يصرّح بكلمة «من الماء»! إنّه إمعان في التركيز على «الماء» الّذي له شأن في مأساة الحسين عليه السلام في كربلاء ، ويومه القريب. وفي الحديث ـ أيضاً ـ إثارة أنّ الإمام عليه السلام ، قرنَ الخيول في الأمر بترشيفها وجعلها تمصّ ما تريد من الماء وتشاء ، وبهذا تعريف لأُولئك المجنّدين للأمويين والمتطوّعين لحرب أهل البيت عليهم السلام أنّ الماء لا يمنع حتّى من الحيوانات ، فكيف بالإنسان!
وفي الحديث ما يدلّ على حلم الإمام وقيامه بتعليم الرجل وعطف السقاء له ليشربَ ، وهو فعل العطوف.
كلّ هذا والحسين عليه السلام يعلم أنّ هذه الجموع جاءتْ لحربه ، ويعلم أنّها سوف تقف في كربلاء في وجهه بالسيوف.
أو تشترك في منع الماء عنه ، وحتّى عن أطفاله وعياله!
وفي مشهد آخر من المأساة : في الكوفة :
حيث أنّ مسلم بن عقيل ، رسول الإمام ، أسير مكبّلٌ في أيدي