فلم يُجِيبُوهُ ، فقال الحُسينُ لإخوته : «أَجِيبُوهُ وإنْ كان فاسِقاً فإنّهُ من بعض أَخْوالِكُم».
فقالُوا لهُ : ما تُريدُ؟ قال : اخْرُجُوا إليَّ ؛ فإنّكُمْ آمِنُونَ ، ولا تَقْتُلُوا أنْفُسَكُم مَعَ أَخِيكُم.
فَسَبُّوهُ ، وقالُوا لهُ : قَبحْتَ وقَبحَ ما جِئْتَ بِهِ ، أَنَتْرُكُ سَيّدَنا وأَخَانَا ونَخْرُجُ إلى أَمَانِكَ؟!.
وقُتِلَ هُوَ ، وإخْوَتُهُ الثلاثَةُ ، في ذلكَ اليَومِ.
وما أحقَّهُم بِقولِ القائِلِ :
قومٌ إذا نُودُوا الدَفْعِ مُلِمَّةٍ |
|
والخيلُ بينَ مَدعّسٍ ومُكَرْدسِ |
لَبسُوا القُلُوبَ على الدُرُوعِ وأَقْبَلُوا |
|
يَتَهافَئونَ على ذِهابِ الأَنْفُسِ |
واختُلِفَ في العَبّاس وأخيه عُمَرَ (١) : أيُّهما أكبرُ ، فكانَ ابنُ شهاب العُكبَريّ ، وأبو الحسن الأشْنانيّ ، وابن خداع : يَرَوْنَ أنّ عُمَرَ أكبرُ.
وشيخُ الشَرَفِ العُبَيْد ليّ ، والبغداديّون ، وأبو الغنائِمِ العُمَريّ : يَرَوْنَ أنّ عُمَرَ (٢) أصغرُ من العَبّاس ، ويقدّمونَ وُلْدَ العَبّاس على وُلْدِهِ.
__________________
(١) يقول الجلالي : المراد بعُمر هذا هو عُمر الأطراف ، الّذي كان آخر أولاد أمير المؤمنين عليه السلام موتاً وأُمّه الصهباء التغلبيّة. لاحظ عمدة الطالب (ص ٣٥٤).
(٢) لا يخفى أنّ العَبّاس عليه السلام قُتِلَ في يوم العاشور من سنة ٦١ هـ وله ٣٤ سنة كما تقدم ، فتكون ولادته سنة ٢٧ أو ٢٦ ، وعُمر ـ على ما يأتي ـ مات وهو ابن ٧٧ وقيل ٧٥ سنة ، فلو كان هو أصغر من العَبّاس عليه السلام تكون وفاتُه في سنة ١٠١ أو بعدها ، وهو يخالف ما عن التقريب من كون وفاته في زمن الوليد بن عَبْد الملك (٨٦ ـ ٩٦ هـ) فإن تمت هذه التواريخ ؛ يكون عُمرُ أكبر من العَبّاس عليه السلام بخمس سنين أو أكثر. (الزنجاني).