(يَدْعُوا مِنْ دُونِ اللهِ ما لا يَضُرُّهُ وَما لا يَنْفَعُهُ ذلِكَ هُوَ الضَّلالُ الْبَعِيدُ (١٢) يَدْعُوا لَمَنْ ضَرُّهُ أَقْرَبُ مِنْ نَفْعِهِ لَبِئْسَ الْمَوْلى وَلَبِئْسَ الْعَشِيرُ (١٣) إِنَّ اللهَ يُدْخِلُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ إِنَّ اللهَ يَفْعَلُ ما يُرِيدُ) (١٤)
____________________________________
تنصيصا على خسرانه أو على أنه خبر مبتدأ محذوف (ذلِكَ) أى ما ذكر من الخسران وما فيه من معنى البعد للإيذان بكونه فى غاية ما يكون (هُوَ الْخُسْرانُ الْمُبِينُ) الواضح كونه خسرانا إذ لا خسران مثله (يَدْعُوا مِنْ دُونِ اللهِ) استئناف مبين لعظم الخسران أى يعبد متجاوزا عبادة الله تعالى (ما لا يَضُرُّهُ) إذا لم يعبده (وَما لا يَنْفَعُهُ) إن عبده أى جمادا ليس من شأنه الضر والنفع كما يلوح به تكرير كلمة ما (ذلِكَ) الدعاء (هُوَ الضَّلالُ الْبَعِيدُ) عن الحق والهدى مستعار من ضلال من أبعد فى التيه ضالا عن الطريق (يَدْعُوا لَمَنْ ضَرُّهُ أَقْرَبُ مِنْ نَفْعِهِ) استئناف مسوق لبيان مآل دعائه المذكور وتقرير كونه ضلالا بعيدا مع إزاحة ما عسى يتوهم من نفى الضرر عن معبوده بطريق المباشرة نفيه عنه بطريق التسبيب أيضا فالدعاء بمعنى القول واللام داخلة على الجملة الواقعة مقولا له ومن مبتدأ وضره مبتدأ ثان خبره أقرب والجملة صلة للمبتدأ الأول وقوله تعالى (لَبِئْسَ الْمَوْلى وَلَبِئْسَ الْعَشِيرُ) جواب لقسم مقدر هو وجوابه خبر للمبتدأ الأول وإيثار من على ما مع كون معبوده جمادا وإيراد صيغة التفضيل مع خلوه عن النفع بالمرة للمبالغة فى تقبيح حاله والإمعان فى ذمه أى يقول ذلك الكافر يوم القيامة بدعاء وصراخ حين يرى تضرره بمعبوده ودخوله النار بسببه ولا يرى منه أثر النفع أصلا لمن ضره أقرب من نفعه والله لبئس الناصر هو ولبئس الصاحب هو فكيف بما هو ضرر محض عار عن النفع بالكلية ويجوز أن يكون يدعو الثانى إعادة للأول لا تأكيدا له فقط بل وتمهيدا لما بعده من بيان سوء حال معبوده إثر بيان سوء حال عبادته بقوله تعالى (ذلِكَ هُوَ الضَّلالُ الْبَعِيدُ) كأنه قيل من جهته تعالى بعد ذكر عبادته لما لا يضره ولا ينفعه يدعو ذلك ثم قيل لمن ضره أقرب من نفعه والله لبئس المولى ولبئس العشير فكلمة من وصيغة التفضيل للتهكم به وقيل اللام زائدة ومن مفعول يدعو ويؤيده القراءة بغير لام أى يعبد من ضره أقرب من نفعه وإيراد كلمة من وصيغة التفضيل تهكم به أيضا والجملة القسمية مستأنفة (إِنَّ اللهَ يُدْخِلُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ جَنَّاتٍ) استئناف جىء به لبيان كمال حسن حال المؤمنين العابدين له تعالى وأن الله عزوجل يتفضل عليهم بما لا غاية وراءه من أجل المنافع وأعظم الخيرات إثر بيان غاية سوء حال الكفرة ومآلهم من فريقى المجاهرين والمذبذبين وأن معبودهم لا يجديهم شيئا من النفع بل يضرهم مضرة عظيمة وأنهم يعترفون بسوء ولايته وعشرته ويذمونه مذمة عامة وقوله تعالى (تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ) صفة لجنات فإن أريد بها الأشجار المتكاثفة السائرة لما تحتها فجريان الأنهار من تحتها ظاهر وإن أريد بها الأرض فلا بد من تقدير مضاف